وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 250
نمايش فراداده

«ما مِنْ رَجُل مُسْلِم يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلى جَنازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلا لا يُشْرِكُونَ بِاللّهِ شَيْئاً إلاّ شَفَّعَهُمُ اللّهُ فيهِ»(1).

لقد جاء في هذا الحديث ـ تعبير «شفَّعهم اللّه فيه» للذين يدعون لأخيهم المسلم.

و انطلاقاً من هذا الحديث فلو أنّ رجلا أوصى في حياته ـ إلى أربعين رجلا من أصدقائه الأوفياء بأن يقوموا على جنازته بعد وفاته و يدعوا له، فهو بذلك قد طلب الشفاعة منهم، و هيّأ أسباب شفاعة عباد اللّه لنفسه.

و قد أفرد البخاري ـ في صحيحه ـ باباً بعنوان «إذا استشفعوا إلى الإمام ليستسقي لهم، لم يردَّهم» و أفرد أيضاً باباً آخر بعنوان «إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط»(2).

و تدلّ الأحاديث الّتي ذكرها في هذين البابين أنّ طلب الشفاعة هو طلب الدعاء بذاته، و لا يجوز تفسير ذلك بمعنى آخر.

إلى هنا ننتهي من الاستدلال الأوّل، و قد ثبت أنّ طلب الشفاعة ليس إلاّ طلب الدعاء لا غير.

1. صحيح مسلم: 3 / 54.2. صحيح البخاري: 2 / 37 ، باب الاستسقاء.