وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 258
نمايش فراداده

هناك حاجة إلى قوله تعالى: (وَ يَقُولُونَ هؤلاء شُفعَاؤُنا) بل كان قوله سبحانه: (وَ يَعْبُدُونَ)كافياً لنسبة الشرك إليهم، فعطف الجملة الثانية على الأُولى دليل على أنّهما شيئان مُستقلاّن، و أنّ موضوع عبادة الأصنام يفترق عن موضوع طلب الشفاعة منهم.

فعبادتهم الأصنام دليل على كونهم مشركين باللّه تعالى، واستشفاعهم بالحجَر و الخشَب دليل على جهلهم وحمقهم وعدم معرفتهم .

والحاصل انّ المشركين كانوا يقومون بعملين مستقلّين: 1ـ يعبدون ما لايضرهم ولا ينفعهم. 2ـ يطلبون الشفاعة منهم عند الله وليس في الآية دلالة على أنّ طلب الشفاعة من الأصنام كان عبادة لها، فكيف يمكن اعتبار الاستشفاع بأولياء اللّه دليلا على عبادتهم؟!!

فالآية لا ترتبط بالبحث إطلاقاً.

ثانياً: لنفرض ـ جَدَلا ـ أنّ علَّة الشرك في أُولئك هو استشفاعهم بالأصنام، ولكن بين استشفاع المشركين بالأصنام و استشفاع المسلمين بأولياء اللّه فرقٌ كبير و بُعدٌ واسع كما بين السماء و الأرض، لأنّ المشركين كانوا يعتبرون الأصنام مالكة للشفاعة و المغفرة، و مشيئتهم نافذة بلا ريب، فمن الواضح أنّ هذا النوع من الاستشفاع يعدّ عبادة للأصنام، لأنّه مقرون مع الاعتقاد بربُوبيّتها و إلوهيَّتها و مَصْدَريَّتها لأفعال اللّه و شؤون الكون.

هذا... في حين أنّ الإنسان المسلم يطلب الشفاعة و الدعاء من الشفيع باعتباره عبداً مقرَّباً إلى اللّه، و عبداً وجيهاً، مأذوناً من عند اللّه في الشفاعة إذا رضي وإذن.