إنّ الخطأ الّذي ارتكبه المودودي ـ و نظراؤه ـ تصوَّر، بأنّ الاعتقاد بالسلطة الغيبيّة لغير اللّه شرك به سبحانه مطلقاً، و لم يُفرِّق ـ أو لم يرد أن يُفرِّق ـ بين الاعتقاد بالقدرةِ الغيبية المستمدّة من اللّه و المعتَمد عليه، و بين القدرة المستقلَّة عنه سبحانه، حيث إنّ الشرك هو الاعتقاد الثاني لا الأوّل.
إنّ القرآن الكريم يذكر ـ بصراحة تامّة ـ أسماء أشخاص كانت لهم القدرة الغيبية، و كانت إرادتهم تتحكّم على قوانين الطبيعة و تُغيِّر مجراها.
و إليك أسماء بعض من أشار إليهم القرآن:
قال يوسف ـ عليه السلام ـ لإخوته :
(إذْهَبُوا بِقَميصي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجهِ أَبي يَأْتِ بَصيراً...).
(...فَلَمّا أنْ جاءَ الْبَشيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصيراً).(1)
إنّ ظاهر هذه الآية يدلّ على أنّ النبىّ يعقوب ـ عليه السلام ـ استعاد بَصَره الكامل بالقدرة الغيبية الّتي استخدمها يوسف ـ عليه السلام ـ من أجل ذلك، و من الواضح أنّ استعادة يعقوب بَصَره لم يكن من اللّه بصورة مباشرة، بل تحقّقت بإذنه سبحانه، بواسطة النبىّ يوسف ـ عليه السلام ـ .
إنّ النبىّ يوسف كان السبب في عودة بَصَر أبيه كاملة، ولولا ذلك لما أَمر
1. يوسف: 93 و 96.