وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 310
نمايش فراداده

بهذه الآيات يستدلّ الوهّابيّون على حرمة الاستغاثة بأولياء اللّه و دعائهم و ندائهم بعد وفاتهم، و أنّ ذلك عبادة لهم و شرك باللّه، فإذا قال رجل ـ عند قبر رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أو في مكان آخر ـ : «يا مُحَمَّد» فقَد عَبَده بهذا النداء و الدعاء!!!

يقول الصنعاني ـ الوهّابي ـ :

«و قد سمّى اللّه الدعاء عبادة بقوله: (ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الَّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتي)و مَن هتَف باسم نبي أو صالح بشيء، أو قال «إشفع لي إلى اللّه في حاجتي» أو «أستشفِعُ بك إلى اللّه في حاجتي» أو نحو ذلك، أو قال «إقضِ دَيني» أو «إشفِ مريضي» أو نحو ذلك فقد دعا النبىّ والصالح، و الدعاء عبادة بل مُخُّها، فيكون قد عبد غير اللّه و صار مشركاً، إذ لا يتمّ التوحيد إلاّ بتوحيده تعالى في الإلهيّة(1) باعتقاد أن لا خالق و لا رازق غيره، و في العبادة بعدم عبادة غيره و لو ببعض العبادات، و عُبّاد الأصنام إنّما أشركوا لعدم توحيد اللّه في العبادة»(2).

الجواب:

ممّا لا شكَّ فيه أنّ لفظ «الدعاء» ـ في اللغة العربية ـ معناه: النداء، و قد يُستعمل في معنى العبادة، إلاّ أنّه لا يمكن ـ بأىّ وجه ـ أن نعتبر الدعاء و العبادة لفظين مترادفين في المعنى، فلا يمكن أن نقول: كلّ دعاء عبادة، و ذلك للأُمور التالية:

الأوّل: لقد استعمل القرآن المجيد لفظ «الدعاء» في مواضع عديدة، و لا يمكن القول بأنّ مقصوده منه: العبادة، فمَثلا... يقول تعالى:

1. لقد استعمل الصنعاني كلمة «الإلهيّة» بدل «الربوبيّة» على خلاف عادة الوهّابيّين.2. كشف الارتياب: 273ـ274 نقلا عن تنزيه الاعتقاد للصنعاني.