وهابیة فی المیزان

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 332/ 37
نمايش فراداده

و بُني المسجد و صارت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم و الاحترام.

و هكذا يظهر لنا أنّ الهدف من البناء على قبور أصحاب الكهف إنّما كان نوعاً من التعظيم لأولياء اللّه الصالحين.

أيّها القارئ الكريم: بعد ما مرَّ عليك من الآيات الكريمة الثلاث، لا يمكن القول بحرمة البناء على قبور أولياء اللّه و لا بكراهته بأىّ وجه، بل يمكن اعتباره نوعاً من تعظيم شعائر اللّه و مظهراً من مظاهر المودَّة للقربى.

4ـ الإذن في ترفيع بيوت خاصّة

لقد أذن اللّه تعالى في ترفيع البيوت الّتي يُذكر فيها اسمه عزّوجلّ، فقال عزَّ من قائل: (في بُيُوت أذِنَ اللّهُ اَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالْغُدُوِّ وَ الآصالِ* رِجالٌ لا تُلْهيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ...)(1).

و الاستدلال بهذه الآية ـ على جواز البناء على القبور ـ يتمّ ببيان أمرين:

الأوّل: ما هو المقصود من البيوت؟

الثاني: ما هو المقصود من الرفع؟

بالنسبة إلى الأمر الأوّل: ليس المراد من البيوت هو المساجد فقط، بل المراد منها ما هو الأعمّ من المساجد و الأماكن الّتي يُذكر فيها اسم اللّه تعالى، سواء كانت مساجد أو غير مساجد، كبيوت الأنبياء و الأئمة ـ عليهم السلام ـ و الصالحين الذين لا تُلهيهم تجارة و لا بيع عن ذِكر اللّه، فهذه البيوت تُعتبر من المصاديق البارزة للآية الكريمة.

1. النور: 36ـ37.