في فترة الحصار توجّه عدد كبير من المسلمين إلى الإمام(عليه السلام) ليصلّي بهم جماعة ، ولكنّه رفض هذا الطلب وأجابهم «لا اُصلّي بكم والإمام محصور ولكن اُصلّي وحدي»63 .
فقد رفض الإمام(عليه السلام) الصلاة بالمسلمين ـ وإن وجد المبرّر لها ـ ليحافظ على وحدة الصفّ الإسلامي ووحدة الخلافة ، وليحافظ على حرمة وقدسية منصب الخلافة ، وللحيلولة دون حدوث تصدّع في الجبهة الداخلية ، ودون حدوث خلل واضطراب في العلاقات بين الصحابة وبين المسلمين عموماً .
وهكذا كانت سيرته(عليه السلام) في تعامله مع الأشخاص ومع المواقف ومع الأحداث ، حيث كان منقاداً للمصلحة الإسلامية العليا ، ولوحدة الكيان الإسلامي; ولهذا تعاون وتآزر مع معاصريه من أجل تحقيق الأهداف الإسلامية الكبرى ، ولم يثنه عن ذلك أيّ عارض أو عائق ، فقد جعل الفواصل بينه وبين الخلفاء في حدودها الضيّقة ، وتعامل معها كفواصل جزئية من أجل أن يتوجّه الجميع نحو الأفق الأوسع الذي يجمعهم تحت راية واحدة ومصلحة واحدة .