مع الشیعة الإمامیة فی عقائدهم

جعفر السبحانی

نسخه متنی -صفحه : 245/ 2
نمايش فراداده

رسائل موجزة حول عقائد الشيعة

إنّ المناهج الكلامية التي فرّقت المسلمين إلى مذاهب حدثت في أواخر القرن الأوّل الهجري، واستمرّت في القرون التالية، فنجمت عنها فرق إسلامية مختلفة كالمرجئة، والجهمية، والمعتزلة، والحشوية، والأشعرية، والكرّامية بفرقهم المتشعّبة. وهذه الفرق بمجموعها تكون نتاجاً حقيقياً لمخاض البحث والمذاكرة، وكنتيجة منطقية للتوسع الأُفقي في الرقعة الإسلامية التي شملت العديد من الأُمم والقوميات المختلفة، وما يؤلّفه ذلك من احتكاك وجدل فكري وتأثّر وتأثير في تلك التيّارات الفكرية وتداخل غير محسوس في أحيان كثيرة أُوجد ودون وعي من الكثيرين، ركائز وجود هذه التصوّرات التي تبلورت فيما بعد فيما يسمّى بالفرق الإسلامية.

ومن هنا فإنّ المرء لا يجد لها تاريخاً متّصلا بزمن النبيّ الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم _، ويقف على صدق ما ذكرنا من سبر أجزاء كتابنا هذا.

فالخوارج مثلا كانوا فرقة سياسية نشأت في عام (37هـ) أثناء حرب صفّين، ثمّ تبدّلت إلى فرقة دينيّة في أواخر القرن الأوّل وأوائل القرن الثاني.

والمرجئة ظهرت في الأوساط الإسلاميّة عند اختلاف الناس في الخليفة عثمان والإمام عليّ، ثمّ تطورت إلى معنى آخر، وكان من حصيلة التطوّر هو تقديم الإيمان وتأخير العمل.

والجهمية نتيجة أفكار «جهم بن صفوان» المتوفّى سنة (128هـ).

والمعتزلة تستمدّ أُصولها من واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري المتوفّى