نجوم الزاهرة فی ملوک مصر و القاهرة

جمال الدین ابی المحاسن یوسف بن تغری بردی الاتابکی

نسخه متنی -صفحه : 2237/ 2229
نمايش فراداده

قديما وحديثا كما مر ذكره في هذا الكتاب من يوم افتتحها عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى يوم تاريخه
ولو شئت لقلت ولا من بني أيوب مع علمي محاسن السلطان صلاح الدين السعيد الشهيد وماله من اليد
البيضاء في الإسلام والمواقف العظيمة والفتوحات الجليلة والهمم العالية أسكنه الله الجنة بمنه
وكرمه
غير أن الملك الظاهر تمر بغا هذا في نوع تحصيل الفنون والفضائل أجمع من الكل فإنه يصنع القوس بيده
وكذلك النشاب ثم يرمى بهما رميا لا يكاد يشاركه فيه أحد شرقا ولا غربا انتهت إليه رئاسة الرمي في
زمانه وله مع هذا اليد الطولى في فن الرمح وتعليمه وكذلك البرجاس وسوق المحمل وتعبئة العساكر وأما
فن اللجام ومعرفته والمهماز وأنواع الضرب به فلا يجارى فيهما ويعرف فن الضرب بالسيف وأما فن الدبوس
فهو فيه أيضا أستاذ مفنن بل تلامذته فيه أعيان الدنيا هذا مع معرفة الفقه على مذهب الإمام الأعظم
أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه معرفة جيدة كثير الإستحضار لفروع المذهب وغيرها ثم مشاركة كبيرة في
التاريخ والشعر
--------------------
375
والأدب والمحاضرة الحسنة والمذاكرة الحلوة مع عقل تام وتؤدة في كلامه ولفظه غير فحاش ولا سباب
وكان فيه أولا في مبدأ أمره بعيض شمم وتعاظم فلما نقل إلى المناصب الجليلة تغير عن ذلك كله لا سيما
لما تسلطن صار كالماء الزلال وأظهر من الحشمة والأدب والإتضاع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت وبقي يقوم
لغالب من يأتيه من أصاغر طلبة العلم ذهابا وإيابا ويجل العلماء والفقراء وسلك مع الناس مسالك
استجلب بها قلوب الخاص والعام
ولما دام جلوسه يومه كله بالقصر السلطاني جلوسا عاما لتهنئة الناس وهنأه الناس على قدر منازلهم
فصار يلقى كل من دخل إليه بالبشاشة والإكرام وحسن الرد بلسان فصيح مع تؤدة ورئاسة وإنصاف فتزايد
سرور الناس به أضعاف مسرتهم أولا وبالله أقسم إني لم أر فيما رأيت أطلق وجها ولا أحسن عبارة ولا أحشم
مجلسا في ملوك مصر منه
ولما كان عصر نهار السبت المذكور أخذ الأمير قانى بك المحمودي المؤيدي أمير سلاح من اختفائه ببيت
الشيخ سيف الدين الحنفي فقيد وحبس بعد أن نهبت العامة بيته وأخذت أمواله من غير إذن السلطان ولا إذن
أحد من أرباب الدولة بل بأمر الغوغاء والسواد الاعظم يوم الوقعة عند انهزام يشبك الفقيه الدوادار
واختفائه وكان هذا المسكين جميع ماله من المال والسكر والقنود والأعسال والقماش في داره فنهب ذلك
جميعه وما ذاك إلا لصدق الخبر بشر مال البخيل بحادث أو وارث وكذلك فعلته العامة والغوغاء في بيت
الأمير يشبك الفقيه الدوادار ولكن ما أخذ من بيت قانى بك من المتاع والمال أكثر
وفيه شفع الأمير قايتباى المحمودي في الأمير مغلباى طاز المؤيدي فقبل السلطان شفاعته ورسم له
بالتوجه إلى دمياط بطالا
--------------------
376
وفيه رسم السلطان بإطلاق الملك المؤيد أحمد ابن السلطان الملك الأشرف إينال من حبس الإسكندرية ورسم
أن يسكن في الإسكندرية في أي بيت شاء وأنه يحضر صلاة الجمعة راكبا وأرسل إليه فرسا بقماش ذهب
ثم رسم السلطان أيضا للملك المنصور عثمان ابن الملك الظاهر جقمق بفرس بقماش ذهب وخلعة عظيمة ورسم له
أن يركب ويخرج من أي باب شاء من أبواب الإسكندرية وأنه يتوجه حيث أراد من غير مانع يمنعه من ذلك قلت
وفعل الملك الظاهر تمر بغا هذا مع الملك المنصور عثمان كان من أعظم المعروف فإنه ابن أستاذه وغرس
نعمة والده
وفيه أيضا رسم السلطان بإطلاق الأمير قرقماس أمير سلاح ورفيقيه قلمطاى وأرغون شاه الأشرفيين من سجن
الإسكندرية وكتب أيضا بإحضار دولات باى النجمي وتمراز الأشرفيين من ثغر دمياط
وكتب أيضا عدة مراسيم إلى البلاد الشامية والأقطار الحجازية بإطلاق من بها من المحابيس ومجىء
البطالين