ذكرنا سابقاً أن البشرية لم تحيَ يوماً من الأيام بلا دين ، ولا وجد مجتمع غير متدين عبر العصور ،
كما أثبت ذلك علماء الآثار والانثروبولوجيا (1) ، حيث أثبت هؤلاء العلماء أنّ النزعة الدينية متأصلة في وجود الإنسان ( فإن المصريين ، منذ آلاف السنين قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام ، بدأوا يسجلون عقائدهم ، ووقائعهم ، وألوان حياتهم ، أقوالأ متفرقة مسطورة في قراطيس البردي ، أو منقوشة على جدران المقابر والمعابد ، ... فتركوا لكلِّ إقليم حريتهُ في تقديس ما شاء ) (2).
وهذا الكلام ليس تخرصاً بلا دليل ، بل إن بعض هذه الآثار محفوظ إلى الآن في متاحف العالم ، ( وتدلّ بعض أوراق البردي المخطوطة والموجودة الآن في برلين ، وفي لندن ، على أن المصريين منذ القدم ، كانوا يعرفون الإله الواحد الأزلي ، الّذي لا تصوّرهُ الرسوم ولا تحصره الحدود » (3) .
وليس المصريون وحيدين في هذا المضمار ، فقد نقل عن اليونانيين في العصر الاغريقي ذلك أيضاً ، حيث وجد العلماء أنّ أقدم الآثار الّتي حصلوا عليها تؤكّد وجود الدين عندهم ، كما هو في الديوانين المنسوبين إلى
1) مصطلح الاثروبولوجيا يقصد به علم الإنسان بجوانبه العديدة مثل الدين والثقافة والعادات وغيرها
من أنشطة الإنسان . 2) الدين | دراز : 10 . 3) الدين | دراز : 10 نقلاً عن موسوعة التاريخ العام للديانات 1 : 251 .