إذاً الإيمان بالله وحده غير كافٍ أبداً في نظر الإسلام ، بل لا بد أن يقترن بالكفر بالطاغوت ، بل الكفر بالطاغوت يكون مقدمة للاِيمان بالله تعالى ، لاَنّ من الواجب أوّلاً إزالة الأسباب الّتي تؤدي إلى الكفر ، ثمّ بناء أساس الإيمان والتقوى .
فهل يصحّ بعد هذا كلّه لماركس أن يقول : ( إن الدين الإسلامي أفيون الشعوب ) نعم المسيحية الكنسية واليهودية المحرفة قد يكونا أفيون الشعوب ، فإنّ تلكما الديانتين الّتي عاش ماركس في وسطهما ، وارتضع من ثدييهما ، تدعوان أتباعهما إلى الخضوع والذلة ، إلى درجة لا تجعل للكرامة الإنسانية أي مكان فيهما ، فقد جاء في إنجيل متى ( أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرير ، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر ) .
وتجد في بعض النصوص أنهم يذهبون إلى الحرمة القطعية للثورة والنضال ، فقد جاء في أناجيلهم المحرّفة ادعاؤهم أن عيسى عليه السلام قال للقديس بطرس : ( أعد سيفك إلى مكانه ، لاَنّ كل الذين يأخذون السيف بالسيوف يهلكون) بينما نرى الإسلام على عكس ذلك ، حيث يقول :
( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) (1) وهذا تأريخ الإسلام والمسلمين زاخر بالحروب والثورات الجهادية ، حتّى أتُهِم الإسلام بأنّه ما قام إلاّ بالسيف ، وأنّه دموي النزعة ، ولا يوجد مصداق أوضح من ثورة الإمام الحسين عليه السلام الّتي سطّر فيها هو وأهل بيته وأصحابه ، على قلّة العدد وخذلان الناصر ، أروع صور البطولة والفداء والثورة والرفض للطغاة.
1) سورة البقرة : 2|194