الأستاذ العلامة الشيخ محمد علي التسخيري
بحث مقدم الدورة التاسعة لمجمع الفقه الإسلامي تمفيه عرض المقالات المقدمة حول (المناقصات) ونقدها
بسم الله الرحمن الرحيم
قُدم في هذا الموضوع بحثان للأستاذين الشيخ الجواهري والدكتور رفيقالمصري وسأحاول عرض البحث مقارناً ومعلقاً أحياناً بما لا يخرجني عن صفة العرض.
عرفها الشيخ الجواهري بأنها: «طريقة بمقتضاهاتلتزم الأطراف باختيار أفضل من
يتقدم للتعاقد شروطاً».
وهذا الالتزام من الطرفين عقد مستقل يجب الوفاء به وربما أمكن إشتراطه ضمن عقد بيعالمعلومات الذي هو طريق للدخول في المناقصة.
كما عرفها الأستاذ المصري: «طريقة نظامية لشراء سلعة أو خدمة تلتزم فيها جهة بدعوة المناقصين لتقديم عطاءاتهم وفقشروط ومواصفات لأجل الوصول إلى أرخص عطاء بافتراض تساوي العطاءات في سائر المواصفات والشروط».
والظاهر أن تعريف الأستاذ المصري يحتاج إلى اختصار كما أنّه يحصرالتعهد بدعوة المناقصين وهو أوسع من ذلك.
ويركز الأستاذ على خصوص المناقصة التي تجريها الدولة في حين يطرح الجواهري البحث بشكل عام.
كما يتحدث المصريبشيء من التفصيل عن إجراءات المناقصة من قبيل:
تقدير القيمة التقريبية للتوريد أو الشروع، والتأكد من وجود الاعتماد اللازم في الموازنة ووضع المواصفاتوالشروط، والإعلان عنها.
ويتم تقديم الضمان الابتدائي مع العرض. وهكذا تشكل لجنة لفحص العروض والبت فيها فإذا وجدت العرض الأقل يرتفع عن سعر السوق فاوضت صاحبهثم يتم اتخاذ قرار الترسية حيث يخطر المناقص لتوقيع العقد وتقديم الضمان النهائي.
ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها: مبدأ المساواة ـ ومبدأ المنافسة.
ومناقصات قد تكون عامة يفتح المجال فيها للجميع أو محدودة لمصلحة ما وقد تكون داخلية كما قد تكون خارجية، وقد تكون علنية كما تكون سرية ويتحدث عن أسباب السرية ويناقشها.
وفي صدد توضيح هوية هذه الطريقة وتكييفها فنياً. يرى الباحث أنها تحتوي على عمليات متعددة فهي تتلخص بما يلي:
1 ـ الإعلان عن وجود عزم من جهةمعينة لتأسيس مشروع معين أو شراء سلعة موصوفة على طريقة المناقصة.
2 ـ يشترط لأجل الاشتراك في العملية شراء المعلومات، وهذا عقد مستقل قبل الدخول في المناقصة.
3 ـ كما يشترط في عقد شراء المعلومات تقديم خطاب ضمان ابتدائي يدفعه البنك إذا رست المعاملة على أحدهم ولم يتلزم بها.
4 ـ يبدأ عقد المناقصة من حين النداء أوالتحرير حيث يتم الإيجاب وتكون الكتابة بالتقبل هي الإيجاب إلاّ أن كل تقدم بسعر أقل يسقط الإيجاب الأول ولا يتم العقد إلاّ بعد رسو المعالمة على الأقل من غيره وحصولالقبول.
كما يطرح سير آخر بجعل التزام الداعي إلى المناقصة قبولاً متقدما وتقديم العروض إيجابات متأخرة، وإذا كانت الطريقة الأولى سليمة فإنه يشكل على الثانيةبأن قيمة المشروع كانت مجهولة عند القبول المتقدم ولكنه يرد عليه بأن مثل هذه الجهالة ليست مما يضر بالعقد، وإن أمكن تحقيق قبول أثناء رسو المعاملة للتخلص من هذاالأشكال.
هذا وقد جاء في البحثين تحديد للفرق بين عقد المناقصة وعقد المقاولة لانجد داعياً للتطرق إليه إذ المهم هو التكييف الفقهي لهذه العملية إلاّ إنه ومنباب التقديم وذكر الممائل تم التعرض للمزايدة.
وهي أن يعرض البائع سلعة على عدة شارين يتزايدون في الثمن حتّى يتفق مع أكبرهم ثمناً.
وعقدالمزايدة جاء الكلام عنه في كتب السنة والفقه.
قال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد.
وعن أنس بن مالك أن رسول الله ـ صلى الله عليهوآله ـ باع حلساً (كساء لظهر البعير) وقدحا وقال من يشتري هذا الحلس والقدح ؟ فقال: رجل: اخذتها بدرهم فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ: من يزيد على درهم ؟ من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه (رواه أحمد وأصحاب السنن).
وقد ذكر العلماء أن موضوع سوم المؤمن على أخيه لا يأتي في المزايدة إلاّ أن النجش يأتي هنا وللمجمعقرار في المزايدة يجيز طلب الضمان ممن يريد الدخول فيها مع إعادته إلى كل من لم يرس عليه العطاء ويحسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة ولا مانع شرعاً من استيفاءرسم الدخول لكونه ثمناً له. والمناقصة عكس المزايدة إلاّ أن هناك كلاماً في الموجب الذي قيل عنه أنّه المتقدم بالعطاء.
فالموجب في عقد المزايدة هو المشتري وفيالمناقصة هو البائع إلاّ أن الشيخ الجواهري ركز على جعل الموجب في المزايدة أيضاً هو البائع لأن المشتري فيه يمتلك بثمن معين وهو يملك ثمنه للغير ولكن تبعاً لتمليكالغير سلعته إياه فتمليكه تبعيُّ فهو قابل قدم قبوله بلفظ اشتريت مثلاً.
وبالنسبة للمناقصة فإن المتقدم بعرض سلعته أو عمله بثمن معين هو الموجب إلاّ أن العارضالثاني (الأقل عرضاً) يسقط الإيجاب الأول ليحل محله بعد أن التزم الداعي إلى المناقصة باختيار الأفضل فيكون ملزماً بالعرض الثاني ومعرضاً عن الأول.
1 ـ مناقصات البيع والشراء وهذا هو بيع الكلي المضمون حالاً.
2 ـ ومناقصات الاستصناع والسلم.
3 ـومناقصات عقد الإجارة لإنشاء مشروع معين على أن تكون مواد المشروع من الجهة الداعية للمناقصة ومناقصات الاستثمار الشاملة لعقد المضاربة والمزارعة والمساقاة إذ يعلنالداعي عن رغبته في التعاقد مع من يتقدم للشركة معه في الربح.
ولما كان هناك التزام بالتعاقد مع أفضل من يتقدم فإن ذلك يعني إسقاط الخيارات، ونفس خطاب الضمانالابتدائي ينبهنا إلى ارتكازية عدم الفسخ ويستنتج من ذلك أن الخيار موجود للمتابعين ولكن لا يحق له إعمال الخيار إلا أن يكون خطاب الضمان لصالح الآخر.
ولا يسمعادعاء الغبن ـ باعتبار أن المشتركين هم من أهل الخبرة اللهم إلاّ إذا ثبت تحايل في البين.
وعلى أي حال؛ فأهم ما يستدل على صحة عقد المناقصة به هو العمومات الشرعيةمن قبيل قوله تعالى ?أوفوا بالعقود? و?إلاّ أن تكون تجارة عن تراضٍ? بعد وضوح المصداقية العرفية لها، ويشبهها الدكتور المصري بعقد المسابقة إلاّ أن هناك بعضالشبهات والعقبات والاشكالات ذكرها الباحثان كل على طريقته الخاصة ونحن نذكرها جملة مع الردود المطروحة.
ربما تصور البعض حصول غرروجهالة في البين أما من جهة التأجيل المفترض أو من
1 ـ المائدة: 1.
2 ـ النساء: 29