فصول المفیدة فی الواو المزیدة

خلیل بن کیکلدی علایی

نسخه متنی -صفحه : 65/ 38
نمايش فراداده

وأما ما جاء من قول بعض العرب قمت وأصك عينه وقول عبد الله بن همام السلولي ( فلما خشيت أظافيرهم نجوت وأرهنهم مالكا ) فقيل إنه على حذف المبتدأ أي وأنا أصك وأنا أرهنهم وقيل الأول شاذ والثاني ضرورة وقال الجرجاني رحمه الله ليست الواو فيهما للحال بل هي فيهما للعطف وأرهن وأصك بمعنى رهنت وصككت ولكن الغرض في إخراجهما على لفظ الحال أن يحكيا الحال في أحد الخبرين ويدعا الآخر على أصله في المضي كما في قول الشاعر ( ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني ) فكما أن أمر هنا بمعنى مررت فكذلك في وأرهنهم وأصك ويبين ذلك أن الفاء تجيء مكان الواو في مثله كما جاء في الخبر عن عبد الله بن عتيك رضي الله عنه حين دخل على أبي رافع اليهودي حصنه قال فانتهيت إليه فاذا هو في بيت مظلم لا أدري أين هو من البيت فقلت أبا رافع فقال من هذا فأهويت نحو الصوت فأضربه بالسيف وأنا دهش قال قوله فأضربه مضارع عطفه بالفاء على ماض لأنه في المعنى ماض قلت ومثله أيضا قول تأبط شرا ( ألا من مبلغ فتيان فهم بما لاقيت يوم رحا بطان ) ( بأني قد لقيت الغول تهوي بسهب كالصحيفة صحصحان ) ( فشدت شدة نحوي فأهوى لها كفي بمصقول يمان ) ( فأضربها بلا دهش فخرت صريعا لليدين وللجران ) فأتى بقوله فأضربها ليصور لقومه الحالة التي فيها تشجع على ضرب الغول حتى كأنه يبصرهم إياها فكذلك ما تقدم من قولهم قمت وأصك وجهه وأرهنهم مالكا والظاهر أن مثل هذا لا يقاس عليه في الجملة الحالية وإن أريد به حكاية الحال وأما إذا كان الفعل منفيا فإنه يجوز دخول الواو وعدمها وهما سواء لأنه يدل على المقارنة لكونه مضارعا وليس فيه دلالة على الحصول لكونه منفيا وقد استثنى ابن مالك المضارع المنفي بلم فجعل الواو فيه واجبة وجوز خلوه عن الضمير مثل جاء زيد ولم تطلع الشمس وكذلك أيضا في الماضي لفظا أو معنى يجوز الوجهان لأنه إذا كان مثبتا ويشترط أن يكون غالبا مع قد إما ظاهرة أو مقدرة حتى تقربه إلى الحال فيدل على المقاربة ومقتضى هذا أن يجب الواو في الماضي المنفي لانتفاء المعنيين لكنه لم يجب فيه بل كان مثل المثبت أما المنفي بلما فلأنها للاستغراق وأما المنفي بغيرها فلأنه لما دل على انتفاء متقدم وكان الأصل استمرار ذلك حصلت الدلالة على المقارنة عند إطلاقه بخلاف المثبت فإن وضع الفعل على إفادة التجرد وتحقيق هذا أن استمرار العدم لا يفتقر إلى سبب بخلاف استمرار الوجود والله أعلم

23 فصل ملخص من كلام عبد القاهر في سر الربط بالواو )

ذكر الإمام عبد القاهر الجرجاني هنا فصلا بديعا في سر امتناع الواو من بعض الجمل الحالية ودخولها على بعضها إما على وجه اللزوم أو الأولوية أو يكون دخولها وعدمها على السواء