قال تعالى:
( بَدِيعُ السَّمَـواتِ وَالأرْضِ أَنَّى يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَـاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء وَ هُوَ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ ).(1)
إنّ الآية المباركة تشير إلى برهانين لاستحالة اتّخاذ الولد للّه سبحانه:
إنّ معنى اتّخاذ الولد هو انفصال جزء من الوالد (الحيمن) واستقراره في رحم الأُمّ، ثمّ تكامله بعد طيّ فترة زمنية معينة، وهذا يستلزم الحاجة إلى وجود الزوجة للّه جلّ شأنه، والحال أنّ الجميع ينزّهون اللّه سبحانه من اتّخاذ الزوجة، كما قال سبحانه ( ولم تك له صاحبة ).
إنّ فكرة اتّخاذ الولد تستلزم ـ حتماً ـ أن يكون الولد غير مخلوق للّه، بل يكون مثيلاً ونظيراً له في الاتّصاف بجميع صفات الإلوهية، كالاستقلال والغنى، لأنّ الابن ليس مخلوقاً للأب، بل هو جزء منه ينمو ويترعرع خارج ذاته والحال أنّ اللّه سبحانه خالق كلّ شيء: ( وخلق كل شَيْء )، كما ورد في صدر الآية جملة: ( بديع السموات والأرض )الدالّة أيضاً على ما قلنا.
ج: اللّه مالك كلّ شيء:
( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْء فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) .(2)
إنّ الآية المباركة تشير إلى برهان آخر لبطلان بنوّة المسيح، وذلك من خلال الاستدلال بالملكية التكوينية المطلقة لما سواه، لأنّ ملكية الإنسان بالنسبة لأمواله تنبع من عقد اجتماعي لغرض إدارة شؤون الحياة وتحريك عجلتها، إلاّ أنّ مالكية اللّه للسماوات والأرض وما بينهما مالكية تكوينية تنبع من خالقيته سبحانه للأشياء.(3)
1 . الأنعام:101. 2 . الفرقان:2. 3 . منشور جاويد:2/202ـ 206.