فکر الخالد فی بیان العقائد

جعفر سبحانی تبریزی؛ ترجمه: خضر ذوالفقاری

نسخه متنی -صفحه : 425/ 284
نمايش فراداده

وسواء أصحّ سبب النزول المذكور أم لم يصحّ فإنّنا نستطيع ومن خلال ملاحظة جميع الوجوه التي ذكرت لبيان أسباب نزول الآية المباركة، أن ندرك الحقيقة التالية، وهي أنّ الرسول الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ تعرّض لمؤامرة وخديعة خطيرة جداً كادت أن توقعه في فخ الحكم ـ خطأ ـ على خلاف الواقع حيث سعت تلك المجموعة المخادعة ومن

خلال تصوير مشهد تمثيلي وبيان الأُمور على خلاف الواقع أن تجذب النبي الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إلى ساحة الحدث من أجل الحكم خلافاً للحق وتبرئة صاحبهم، ولكن اللطف الإلهي أحاط بالنبي ليصونه من الخطأ والاشتباه ويزيح الستار عن وجه الحقيقة مبيّناً للنبي الأُمور على حقيقتها، وكشف النقاط المبهمة فيها، ويعلمه الحقيقة كما هي. إذا اتّضح ذلك ينبغي أن نتعرض لبيان كيفية دلالة تلك الآيات على عصمـة النبي ومصـونيتـه من الخطأ والاشتباه، وذلك مـن خلال الأُسلوب التالي:

إنّ الناظر في الآية يجد انّها تشتمل على ثلاث جمل هي:

الف: ( وَ أَنْزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ ) .

ب: ( وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) .

ج:( وَكانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) .

فالجملة الأُولى ناظرة إلى بيان مباني وأُسس القضاء، وهما: الكتاب والسنّة (الحكمة)، فإنّ الاطّلاع على هذين المصدرين والمعرفة التامّة بهما سبب مهم للعصمة والمصونية في مجال الأحكام الإلهية، وبالنتيجة لا يقع النبي أبداً في مشكلة الخطأ والاشتباه في بيان الأحكام، وذلك لأنّ جميع ما تحتاج إليه البشرية إلى قيام الساعة موجود في هذين المصدرين، ولكن من الواضح أنّ العلم بالقوانين الكلّية لا يكون سبباً للعصمة والمصونية من الاشتباه في مجال الموضوعات والجزئيات وبحسب المصطلح في مجال تطبيق الكلّيات على مصاديقها، بل المصونية والعصمة في هذا المجال تحتاج إلى دليل آخر لإثباتها من خلاله.