ونحن إذا ألقينا نظرة على تاريخ حياة المفكّرين والعلماء وأصحاب الاختراعات والاكتشافات العلميّة تتجلّى لنا حقيقة مهمّة في شخصيّة هؤلاء العظام وهي: أنّهم كثيرو التفكير والتأمّل والإمعان في الأُمور، وقليلو الكلام.
لقد ركّزت آيات الذكر الحكيم على أهمية التفكير والتأمّل والتعمّق وخاصة التفكير في خلق السماوات والأرض والتّفكير في النفس الإنسانيّة وحقيقتها. وفي سائر المخلوقات والوجودات حيث قال سبحانه:
( وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمواتِ وَالأَرض ).(1)
وفي آية أُخرى يدعو سبحانه وتعالى الإنسان إلى التفكير والتأمّل في نفسه وخلقه:
( سَنُرِيهِمْ آياتنا فِي الآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ ).(2)
وقبل أن يلتفت الغرب إلى أهميّة التجربة والتحليل وكيفية الاستفادة منها في تحصيل العلم، كان القرآن الكريم قد دعا المسلمين إلى الاستفادة من ذلك الأُسلوب والمنهج العلمي قبل أربعة عشر قرناً حيث قال سبحانه:
( قُل انْظُرُوا ماذا فِي السَّمواتِ وَالأَرْض ).(3)
ومن المسلّم به انّ هذه الدعوة القرآنية للنظر في السماوات والأرض لا يراد منها النظرة السطحية العابرة، بل المراد حقيقة النظرة المقرونة بالتفكير والتعمّق والتأمّل التي تستطيع أن تفتح أبواب السماء بوجه الإنسان.
1 . آل عمران:192. 2 . فصلت:54. 3 . يونس:101.