على الاذى وليس كف الاَذى كما قال العبد الصالح عليه السلام : «ليس الجوار كف الاَذى ، ولكن حسن الجوار صبرك على الاَذى» (1).
وإنما تميزوا أيضاً بتجسيدهم هذا المفهوم من عالم المعنى إلى عالم الحس والواقع .
لقد ترجم أهل البيت عليهم السلام أقوالهم إلى سلوك سويّ ، أصبح قدوة حسنة لمن أراد الاقتداء به .
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، كان الاِمام السجاد عليه السلام ، حريصاً على أداء حقوق الآخرين ، وان كانوا من أعدائه.. جاء في رواية الواقدي : إنّ هشام بن اسماعيل بن هشام بن الوليد المخزومي كان والياً على المدينة لعبد الملك بن مروان ، وقد أساء جِوار الاِمام ولحقه منه أذى على حد تعبير الراوي ، فلما مات عبدالملك ، عزله الوليد بن عبدالملك ، وأوقفه للناس ؛ لكي يقتصوا منه ، فقال : والله إني لا أخاف إلاّ علي بن الحسين ، فمر عليه الاِمام ، وسلم عليه ، وأمر خاصته أن لا يتعرض له أحد بسوء ، وأرسل له :
«إن كان أعجزك مال تؤخذ به ، فعندنا ما يسعك ، ويسد حاجتك ، فطب نفساً منّا ، ومن كل من يطيعنا» ، فقال له هشام بن اسماعيل : الله أعلم حيثُ يجعل رسالته (2).
وكان الاِمام السجاد عليه السلام يدعو لجيرانه بكلمات بلغت الغاية في الرّقة ، ضمّنها ما لهم من الحقوق ، وصبها في قالب الدّعاء .
تمعّن في هذا الدّعاء من أدعية الصحيفة السجادية ، الذي يفيض
(1) أُصول الكافي 2 : 636 ـ 637 | 9 باب 24 من كتاب العشرة، كنز العمال : ح4422. (2) سيرة الائمة الاثني عشر ، هاشم معروف الحسني ، القسم الثاني : 149 .