البرد تكون لها ، فإنّك لا تطيق شكرها إلاّ بعون الله وتوفيقه»(1).
بهذه اللغة الوجدانية الشفافة يصوغ الاِمام زين العابدين عليه السلام بنود الحقوق الاعتبارية للوالدين .
وأيضاً ينقل أبو الحسن موسى الكاظم عليه السلام عن جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : أن رجلاً سأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ما حقّ الولد على والده ؟ قال : «لا يُسمّيه باسمه ، ولا يمشِ بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسب له» (2).
وأنت لو تمعنت في السطور المتقدمة ، تلمس بوضوح عمق التركيز على الحقوق المعنوية للوالدين ، ولعل السرّ في ذلك أن تطعيم الاَولاد فكريا ووجدانياً من خلال إدراك هذا النوع من الحقوق الاعتبارية ، يمنح الاَولاد المناعة والحصانة من الاِصابة بالاَمراض الاجتماعية ، تلك التي تقوّض كيان الاَُسرة كمجتمع صغير ، وتنعكس أعراضها وآثارها التدميرية على المجتمع الكبير .
ومن الضروري الاِشارة إلى أن التركيز على الحقوق المعنوية ، لا يعني بحال اغفال ما للوالدين من حقوق مادية ، كضرورة الانفاق عليهم عند العوز أو الشيخوخة ، ولكن وفق ضوابط وحدود معقولة .
والظاهر أنّ الرأي السائد آنذاك ، هو ان للوالد مطلق التصرف في أموال بنيه، اعتماداً على رواية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الخصوص ، ولكن الاِمام
(1) بحار الأنوار 74 : 6 . (2) أُصول الكافي 2 : 166 | 5 باب البر بالوالدين ، ولا يستسب : أي لا يصير سبباً لسب الناس له، كأن يسب آباءهم فيسب الناس والده .