شكّ لكنّها لا توجب بنفسها يقيناً بالمعاد ، فقد كانوا مرتابين في المعاد وهم أحياء في الدنيا(1) .
إنّ بعض المفسّرين فسّروا الآية بالنحو التالي :
الإماتة الأُولى : حال النطفة قبل ولوج الروح .
الإحياء الأوّل : حال الإنسان بعد ولوجها فيها .
الإماتة الثانية : إماتته في الدنيا .
والإحياء الثاني : إحياؤه يوم القيامة للحساب .
وعندئذ تنطبق الآية على قوله سبحانه ( كَيفَ تَكفُرونَ باللهِ وكُنتُمْ أمواتاً فَأحياكُمْ ثُمّ يُميتُكُم ثمَّ يُحْيِيكُمْ ثمَّ إليه تُرجَعون )(2) .
ولكنّه تفسير خاطئ وقياس باطل .
أمّا كونه خاطئاً ، فلأنّ الحالة الأُولى للإنسان أي حالته قبل ولوج الروح في جسده لا تصدق عليها الإماتة ، لأنّه فرع سبق الحياة ، والمفروض عدمه .
وأمّا كونه قياساً باطلا ، فلأنّ الآيتين مختلفتان موضوعاً ، إذ المأخوذ والوارد في الآية الثانية هو لفظة «الموت» ويصحّ تفسيره بحال النطفة قبل ولوج الروح ، بخلاف الوارد في الآية الأُولى ، إذ الوارد فيها «الإماتة» فلا يصح تفسيره بتلك الحالة التي لم يسبقها الإحياء .
ولأجل ذلك يصحّ تفسير الآية الثانية بالنحو التالي :
1 ـ كنتم أمواتاً : الحالة الموجودة في النطفة قبل ولوج الروح .
2 ـ فأحياكم : بولوج الروح فيها ثم الانتقال من البطن إلى فسيح الدنيا .
(1) تفسير الميزان 17 : 313 . (2) البقرة : 28 ، أنظر تفسير الكشاف 3 : 363 طـ دار المعرفة ـ بيروت .