وتدلّ على وجود الصلة بين الحياتين بهذا المعنى ، مجموعة من الآيات وقسم وافر من الروايات نأتي في المقام بصريحهما ، حتى يُزال الشك عن المرتاب .
أخبر الله تعالى في القرآن الكريم عن النبىّ صالح ـ عليه السلام ـ أنّه دعا قومه إلى عبادة الله ، وترك التعرّض لمعجزته (الناقة) وعدم مسّها بسوء ، ولكنّهم عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربّهم :
( فَأخَذَتْهُمُ الرَّجفةُ فأصبَحوا في دارِهِمْ جاثِمينَ فَتولَّى عَنهمْ وقالَ يا قومِ لَقدْ أبلغتُكُمْ رِسالةَ رَبِّي ونَصحتُ لَكُمْ ولكنْ لا تُحبُّونَ الناصحينَ )(1) .
ترى أنّ الله تعالى يخبر على وجه القطع والبتّ بأنّ الرجفة أهلكت أُمّة صالح ـ عليه السلام ـ فأصبحوا في دارهم جاثمين ، وبعد ذلك يخبر أنّ النبيّ صالحاً تولّى عنهم ثم خاطبهم قائلا:
( لَقدأبلغتُكُمْ رسالةَ ربِّيونَصحتُ لَكمْولكنْ لاتُحبُّونَ النّاصِحِين ) .
والخطاب صدر من صالح لقومه بعد هلاكهم وموتهم بشهادة جملة ( فتولّى )المصدرة بالفاء المشعرة بصدور الخطاب عقيب هلاك القوم .
ثم إنّ ظاهر قوله : ( ولكنْ لا تُحبُّونَ النّاصحينَ ) ، يفيد أنّهم بلغت بهم العنجهية أن كانوا لا يحبُّونَ النّاصحينَ حتى بعد هلاكِهِمْ .
لم تكن قصة النبيّ صالح هي القصة الوحيدة من نوعها في القرآن الكريم ، فقد
(1) الأعراف : 78 ـ 79 .