يرى فيها أفلاطون أن نفكر ونبدأ بالتربية قبل الولادة، وقد يكون من الأصح أن نقول إنه يجب أن نمهد لها قبل أو خلال مرحلة الزواج نفسها. فهو يطلب أن لا يسمح بالزواج لأي كان، إلا إذا أقام الزوجان الدليل على أنهما أصحاء الأبدان وذلك بشهادة طبية تمنحها هيئة طبية وقضائية خاصة... لأن الغاية من الزواج عنده لا اللذة فحسب بل إيجاد نسل صالح مفيد للمجتمع. ولئلا ينشأ النسل ضعيفاً وسقيماً يحدد سناً معينة للزوجين، فالرجل لا يحق لـه الزواج إلا إذا بلغ الثلاثين من العمر، وكذلك لا يحق لـه أن يقترب من المرأة بعد بلوغه الخامسة والخمسين، فهو بذلك يحدد نشاط الرجل الجنسي بمدة خمس وعشرين سنة. أما المرأة فيحدد سن زواجها بين العشرين والأربعين؛ ونحن أمام هذا التحديد نتساءل عن الدوافع التي حدت بأفلاطون إلى ذلك. إننا طبعاً نلاحظ أنه كان يستهدف من وراء ذلك أن يحدد عدد المواليد لكيلا يتجاوز سكان المدينة حداً معيناً، لأنه إذا حدث مثل ذلك فإن التربية تصبح صعبة والحياة ضنكة لازدياد السكان وضآلة الموارد التي قد تسبب مجاعة للمدينة.
هذه المرحلة -كما يبدو لنا- ذات أهمية كبرى في التربية لأنها ليست مرحلة الطفل نفسه فحسب، إنما هي مرحلة مجتمع بكامله.