وتدوم خمس سنوات يعلم فيها هؤلاء الطلاب الحكماء الفلسفة بكل فروعها. إن عقولهم أصبحت ناضجة تستسيغ الحكمة وتعشقها، لأنها ضالتهم التي كانوا يفتشون عنها خلال أمد مديد من الحياة.
والحكمة التي يتعلمها الطلاب في هذه المرحلة لها غايتان اثنتان:
أولاهما : إيجاد التفكير المستقيم الواضح، وذلك بالتعمق في علم ما وراء الطبيعة، لإدراك الوجود ومعرفة جوهر الخير.
وثانيتهما : معرفة طرائق الحكم والإدارة، ويشمل هذا القسم علم السياسة وهو أشبه ما يكون بدراسة الحقوق في أيامنا.
وبانتهاء هذه المرحلة يتقدم الحكماء لامتحان جديد لم يعرفوه من قبل، هو امتحان طويل الأمد يستغرق مدة خمس عشرة سنة. ومنه يتبين إذا كان باستطاعة هؤلاء المتقدمين أن يثبتوا برغم كل غواية، أم تخور قواهم ويتزعزعون عن المثالية التي تعلموها منذ عهد طويل.
إن الذي يستطيع من هؤلاء أن يمر بسلام دون أن يتعثر لهو الحكيم الأكبر والنبي الذي يجب أن يحكم المدينة بأسرها.
هذه هي أقصى غاية من غايات التربية التي وصل إليها أفلاطون في تدبير مدينته الفاضلة لكنها ليست كل الغاية، إن الغاية الحقيقية هي في إدراك الوجود والوصول إلى الحقيقة في هذا الوجود.