ولا بد من الإشارة إلى رأي أستاذي العلامة، أطال الله عمره الدكتور شوقي ضيف، صديق العمر، في دفاعه عن هذا العصر في العدد "122" من "المجلة" المصرية سنة 1967، وكتابه في "البحث الأدبي" ص 53، فقد ذكر الظلم الكبير الذي لحق هذا العصر، لأنه كان يعتقد أن هذا العصر الوحيد المظلوم الذي ظلمه الباحثون المعاصرون من عرب ومستشرقين إذ ليس من المعقول أن يكون انحطاطاً في الوقت الذي سحقنا فيه، الصليبيين والمغول، ويوصف في ديارنا الشامية والمصرية بأن كان عصر انحطاط وإعياء فكري وعقم شديد هذا هو بعض ما قاله الدكتور شوقي ضيف وهكذا تنبه بعض أعلام الفكر من المعاصرين والمستشرقين، وبدؤوا يقومون الانحطاط بمفاهيم جديدة، وهي التي آمنا بها ونشرناها منذ أواخر الخمسينيات وأوائل التسعينيات.
أما النواحي الأدبية وتياراتها والحركة الموسوعية، والمذاهب الفكرية فقد بحثت في كتابي "تاريخ الأدب العربي- العصر المملوكي" بشكل جديد ومبتكر وقد وضحنا من خلال "النزعة العربية" في أدب هذا العصر لأن معظم المفكرين كانوا من العرب... وكان السلطان السياسي بيد حكام من غير العرب.
وتحدثنا عن "النزعة الإنسانية" وقد تمثلت في جوانب مختلفة من الظواهر العلمية والشمولية، وقد رأينا مصداق ذلك في هذه المؤلفات الموسوعية الكبرى، والمتمثلة في مصادر المصنفات المئوية. ودائرة المعارف الكبرى التي كانت نهضة فكرية عربية لتأثيل الوجود العربي وتأصيل العنصر العربي في الفترة التي هيمن على الحكم فيها سلاطين من غير العرب.
أما مؤلفاتي عن هذا العصر فمتعددة أقدمها كتابي الأثير لدي "الأدب في بلاد الشام- عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك". أنجزته قبل ثلاثين عاماً. وأحدثها كتابان: أحدهما كتابي" تاريخ الأدب العربي- العصر المملوكي"، وثانيهما: "تاريخ الأدب العربي- العصر العثماني" فهما أكثر من ألف وأربعمائة صفحة، وهما موزعان في الوطن العربي منذ أكثر من عامين، ولقيا رواجاً واسعاً نظراً لجدتهما وأهمية القيم الفكرية والنقدية التي تتجسد فيما يتضمنان من معارف جديدة وبحوث رائدة..