تحقيق كتب التراث العربي وانتشار ظاهرة تصدي أشخاص غير مؤهلين علمياً لهذه المهمة الخطيرة، ثم تعامل بعض دور النشر معهم لرخص أسعارها وصولاً إلى استغلال مادي أوسع لجمهور المتخصصين والقارئين، مع ما يشكل كل ذلك من إساءة للثقافة العربية الموروثة، وتسطيح للفكر المعاصر والمستقبلي.
تحقيق التراث مهمة علمية مقدسة، وقد حرصت على إدخال مقرر في الدراسات العليا باسم "المنهج والتحقيق" إيماناً مني بأهمية بعث التراث العربي تحقيقاً ممنهجاً وموثقاً ومفهرساً لتستفيد منه الأجيال العربية المعاصرة والمستقبلية من عصارة الفكر العربي عبر عصوره المديدة.
ويسعدني أنك طرحت هذه الإشكالية وقد استطعت من خلال هذا الطرح أن توضح أبعاد الإشكالية فذكرت التحقيق التجاري الذي يقوم به المتطفلون على التراث العربي، لا حباً في نشر التراث والإفادة منه وإنما الكسب المادي، وهذا يؤدي إلى أمرين:
أولهما العبث والفساد اللذان يلحقان بالتراث العربي إذ لا بد للمحقق من ثقافة تراثية وتضلع من علوم اللغة العربية ودراية بخصائص الخط العربي عبر عصوره المديدة. يضاف إلى ذلك الفهرسة التي لا بد منها ليكتمل التحقيق، فليس المهم تقديم النص ولكن لا بد من تشقيقه لمعرفة مضمونه ونتبين محاسنه من مساوئه..
وثاني الأمرين: تسطيح متعمد للفكر المعاصر والمستقبلي كما وصفته وقد أعجبني منك هذا الاستخدام في التسطيح في هذا المجال الفكري.