عقد الثمین فی إثبات وصایة أمیرالمؤمنین (علیه السلام)

محمد الشوکانی

نسخه متنی -صفحه : 57/ 4
نمايش فراداده

الشاري‏بنفسه سلامة دينه ونبيه، وحامل لوائه وآياته، والساقي على حوضه، المجيز على الصراط.

واصلي واسلم على اهل بيته الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وعلى صحبه الميامين الذين ثبتوا على الحق‏وعملوا به، وحفظوا وصية نبيهم في الكتاب والعترة فانماثوا بهما بما حفظ للدين رونقه وجلاله، وللعقيدة ان تترسخ،وللعدالة ان تنشر ظلالها هنا وهناك.

وبعد، فكم هو عظيم ان يتحلى المرء بصفة ((قل الحق ولو على نفسك))، ((فان اتقى الناس من قال الحق فيما له و عليه))؟! فهذاخلق يحمل في طياته اكثر من مدلول اخلاقي نبيل، منها:

الشجاعة والاقدام.. والثقة بالنفس.. والموضوعية..

وما احوجنا اليوم الى ان يحمل العالم الديني، والكاتب والمحقق، والداعية المبلغ.. روحا موضوعية تحض الجميع على‏الاخاء، وترفع الحق فتضعه في الصدور والعقول بدل ان يظل متمرغا تحت الاقدام.

وكم هو خلق اسلامي فريد ورائع ان يتمحض الفرد المسلم الدعوة الى الحق، والى جلو الحقيقة وابرازها؟ وكم هو نافع‏لتاريخنا وتراثنا الاسلامي الاصيل ان يكون حاملو هذه الروح، وهذا الخلق، علماء قد استوعبوا من العلوم غاية مايستطيعون، فتكونت لديهم ثروة علمية معرفية مكنتهم من خوض الغمار، وركوب اللجج، فلم يبق عليهم الا ان يصفوا الحق‏ويعملوا به.

ورغم قلة ما يفصل بين الحق والباطل من الاصابع الاربعة، فقد استطاع بعض هؤلاء التمييز بينهما واختيار الراجح منهما في‏ميزان العدالة.

وقد برز في هذا الميدان رجال كثر، عرفوا الحق فعرفوا اهله، حفلت بهم صفحات التاريخ ما بين عصرنا الحاضر وبين عصربدء الدعوة وبزوغ فجر الاسلام العظيم.

والشوكاني واحد من اولئك العمالقة الذين تركوا بصمات جليلة على صحائف بيضاء من تاريخ هذه الامة المجيدة. فهوالباحث العالم، والناقد المنصف، والمصنف المدقق. وهو مع هذا: فقيه، اصولي، محدث، مفسر، مؤرخ، اديب، نحوي،شاعر، منطقي، متكلم، حكيم((5)).

ونظرة سريعة الى مصنفاته المئة واربعة عشر تعطيك المامة بعبقرية الشوكاني، ودقة نظره، وبعد مداه.

فقد ترك ثروة علمية وفكرية احدثت ثورة، وشكلت مدرسة خاصة‏حكت آراءه وافكاره التجديدية. وانه يخيل الى البعض آمن خلال بعض كتبه وفتاواه انه يميل الى (الشيعة الامامية). لكن الحقيقة هي خلاف هذا التصور، اذ خالف الامامية الاثني‏عشرية في العديد من الاحكام.

او ان آخر يستشف انه اقرب الى (مذهب اهل السنة) من غيره، في حين ان فتاواه الكثيرة وفي مختلف ابواب الفقه