قبل أن أدخل صلب الموضوع لخوض غماره ; أودّ أن أُطلّ منخلاله على توراة أو زبور آل البيت صلوات اللّه عليهم أو قرآنهم ، عبّر ما شئت أن تعبّر عن ذلك ، فكلّها محاور أو مداخل يجمعها هدف واحد ، ولكنّها تصبّ في اتجاهات متعددة . أطلّ من خلالها لأحمل منها مفتاحاً يفتح لي باب الدخول إلى موضوع المقرّبين عنوان بحثي هذا، حيث يقول(عليه السلام) في هذا المسار وأقصد بذلك الإمام زين العابدين : «إلهي نفسٌ أعززتها بتوحيدك كيف تُذلها بمهانة هجرانك ؟ وضميرٌ انعقد على مودّتك كيف تحرقه بحرارة نيرانك ؟ إلهي إن كان قلَّ زادي في المسير إليك ; فلقد حسن ظنّي بالتوكل عليك . إلهي فاجعلنا من الذين ترسَّخت أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم ، وأخذت لوعة محبَّتك بمجامع قلوبهم ، فهم إلى أوكار الأفكار يأوون ، وفي رياض القُرب والمكاشفة يرتعون ، ومن حياض المحبَّة بكأس الملاطفة يكرعون ، وشرايع المصافاة يردون ، قد كُشفَ عن أبصارهم وانجلت ظُلمة الريب عن عقائدهم وضمائرهم ، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم ، وانشرحت بتحقيق المعرفة صُدورهم .
إلهي لولا الواجب من قبول أمرك لنزَّهتك من ذكري إيّاك ، على أنَّ ذِكري لك بقدري لا بقدرك ، وما عسى أن يبلغ مقداري حتى أجعل محلاً لتقديسك . إلهي بك هامت القلوب الوالهة ، وعلى معرفتك جُمعت العقول المتباينة ، فلا تطمئن القلوب إلاّ بذكراك ، ولا تسكن النفوس إلاّ عند رؤياك ، أنت المُسبَّح في كل مكان ، والمعبود في كل زمان ، والموجود في كل أوان ، والمدعوّ بكل لسان ، والمعظّم في كل جنان .
واستغفرك من كل لذة بغير ذكرك ، ومن كل راحة بغير اُنسك ، ومن كل سرور بغير قربك ، ومن كل شغل بغير طاعتك» .
ما أروع هذه المقاطع في رحاب الدعاء ! فهي تحمل بين طيّاتها عظمة الخالق سبحانه ، وتؤكّد هيمنة محبّته على قلوب المشتاقين ، وتجسّد حب وشوق واعتراف العبد العارف بربوية هذا المعبود الكبير الغنيّ بذاته ، فمودّته في قلب عبده المستسلم له مسيطرة على كل مشاعره وخواطره وأفكاره ، فحينما يقف بين يديه يدعوه بكل خشوع تام ورهبة عميقة وخضوع منتظم ; يستسلم لأمره وينقاد لقضائه وإرادته .
نعم هكذا يعبّر العبد الصالح المطيع لربه عن طاعته المطلقة له ، وقد أقبل عليه بكلّه ، يُثني عليه ويُكبّره ، ويُطيل النظر إلى رحمته ، وملؤه تذلّل وتواضع وامتنان .
المقرّبون بفتح الراء وتشديدها ، لم يرتفعوا إلى هذه الرتبة العالية من العبادة ، ولم يعرجوا في هذا المصعد الكريم إلاّ بعد أن أخلصوا للّه في عبادتهم وتوجّههم ، وإقبالهم عليه بكلّ قلوبهم ومشاعرهم وحبّهم وولائهم له ، فهو الذي أفاض عليهم الوجود ومنحهم القدرة على القيام بين يديه يتضرعون ويبتهلون ويستغفرون ، فقد حرّروا أنفسهم من أسر المادة ، وآثار الترف الدنيوي ، حتى صاروا كما أراد لهم خالقهم عزّوجل .
يعرفهم الناس من خلال تواضعهم ، وخوفهم من ربّهم ، وكثرة ورعهم ، وشدّة تقواهم . يعرفون ربّهم ويهابونه ، ويخافون وقوفهم بين يدي خالقهم ، يرجون ثوابه ، ويخشون عقابه ، دأبهم الحنين والشوق إلى معبودهم ، وهمّهم رضاه عنهم ، فكلّما عملوا من أجل الآخرة ; ازدادوا تقرّباً من واهب هذا الوجود ، ولكن باحترام الغير ، وحسن الجوار وإكرام الضيف ، وبذل الخير في ربوع الأرض ، وإشاعة الأمن بين الناس ، صادقون في أقوالهم وأفعالهم ، مؤدّون لأماناتهم ، راعون لعهدهم ، وافون بوعدهم ، شعارهم الإصلاح والصلاح . سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، لا يخافون في اللّه لومة لائم ، لا تغرّهم الدنيا بزخارفها ، فهم في رياض مودّتهم لإلههم يرتعون ومن صافي نمير حبّهم له يكرعون ، ألسنتهم لهجة بذكر اللّه ، وقلوبهم وجلة من خشيته . وبعد هذا فهم لا يحبّون من يمدحهم في علاقتهم بربّهم ، ولا يفرحون بثناء الناس عليهم ، بل يستغفرون حينما يُمدحون ، ويتوارون عندما يُطرَوْن ، وهكذا هم أولياء اللّه تعالى في الأرض .
أجل لقد قرأنا وسمعنا عن مثل هؤلاء ، وإلاّ فكيف خلّد الدهر من استهزأ بهم المنحرفون ؟ وتلذّذ بتعذيبهم الخاطئون ؟ فهذا عمّار وأبو ذر وياسر وسلمان ، وحجر وسعيد بن جبير وميثم وخبّاب وعدي وعبداللّه الطائي ، وفي عصرنا قوافل الشهداء الأبرار الذين روّوا بدمائهم الطاهرة الزكيّة تراب الوطن من أجل الإسلام الخالد ، فهم شموع عالقة على الدرب دائماً وإلى الأبد ، وهم رموز شاخصة وخالدة ترفد مسيرة الاُمة بالعزم والإرادة والتصميم والثبات على المبدأ ، كذلك هم مشاعل وقود متألقة في كل زمان لإعلان ثورة الحق على الباطل ، وفي طليعة هذه المسيرة الثورية المعطاء عبر مراحلها الطويلة الواعية أئمة الهدى آل رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين .
فقد علّمونا سلام اللّه عليهم الصمود بوجه الباطل ، وسياسة الرفض للظلم مهما طغى ، والوقوف إلى جانب الحق مهما كانت التضحيات ، فالدفاع عن المبادئ وقيم السماء وحضارة الإنسان في ظلّ الإسلام العزيز شرع مقدّس في وجودهم ، فهم العطاء الروحي والفكري في تعميق الصلة بالخالق سبحانه من خلال الطاعة الخالصة له ، والعبادة الحقّة ، والالتزام بمناهج السماء والمحافظة على الأخلاق الحسنة ، وإشاعة المحبّة بين الناس ، وبثّ روح الاُخوة بينهم ; من أجل بناء مجتمع كريم يعيش في ظل طاعة المعبود . فنحن أحوج ما نكون إلى هذا القرب الطاهر من الخالق الكريم لنيل رضاه ، والفوز بمغفرته لنا وقبوله عملنا ، فكلّما اقترب العبد من ربه في مناجاته معه ; يقترب الربّ إليه منه حتى يغمره بواسع رحمته ، ويفيض عليه من الكمالات والعطاءات ما لا يتصوره العبد في علاقته مع معبوده .
فالتوجه إلى هذا الربّ الرحيم في ظلّ الخضوع التام له ، والانشداد القويّ إليه ; يجعل العبد في موضع القرب منه ومحلّ الرضا عنه . فإذا رضي اللّه سبحانه عن عبده وهو في حالة الاستسلام له ; فقد فاز ، وأيّ فوز هذا ؟ إنّه فوز كبير وربح تجارة لن تبور .
اولئك هم المقرّبون حقاً ، تسكن نفوسهم عند رؤية ربّهم ، فقد أخذت محبّته بمجامع قلوبهم ، فها قد كشف الغطاء عن أبصارهم ، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم وضمائرهم ، وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم ، فكلّ منهم يناجي ربّه وقد استسلم بكلّه إلى خالقه ، يقرّ بتنزيه الربّ من ذكره لولا الواجب من قبول أمره ، على أنّ ذكر العبد لربّه بقدره لا بقدر ربّه ، ثم يتسامى بروح العرفان متواضعاً ، ويعتلي منصة العبد المتذلل الواثق بربّه ليحظى بقربه والعارف بحقيقة العبودية ، يعدّد ما لهذا الربّ العظيم على هذا العبد المعترف بزلله وخطئه وجرمه يُعدّد نعمه عليه ، فقد غمره بها ، وأفاضها عليه تكريماً له على سائر مخلوقاته ، مفضّلاً إياه عليها ليكون خليفته في آنامه فجعله سيّد أرضه في خلقه ، وعرّفه طريقة الوصل به والركون إليه ، وعلى العبد ـ كما وجّهه سبحانه ـ أن يقبل عليه بقلب طاهر ملؤه شوق إليه ، وكلّه إقبال عليه ، وبنفس مطمئنة بذكره الجميل ، وغارقة بلطفه البهيّ ، فنسمعه يقول وهو خاضع متذلل ، معترف بأنّ له السيادة المطلقة ، والربوبية المحضة ، يقول مخاطباً ربّه : أنت المسبّح في كل مكان ، والمعبود في كلّ زمان ، والموجود في كل أوان ، والمدعوّ بكلّ لسان ، والمعظّم في كل جنان .
ثم يتبع هذه الاعترافات الدقيقة باستغفاره من كل لذة بغير ذكر اللّه ، ومن كل راحة بغير اُنسه ، ومن كل سرور بغير قربه ، وأخيراً من كل شغل بغير طاعته .
بعد هذه المقدمة تعال معي قارئي الكريم لندخل إلى رياض المقرّبين في ظل رحاب أهل البيت سلام اللّه عليهم ، وبعد أن نضيء الدرب إلى هذه الآفاق الرحبة بآي من الذكر الحكيم ، إذ يقول تعالى :
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل العظيم) [1] .
(والسابقون السابقون * اولئك المقربون) [2] .
(فأمّا إن كان من المقرّبين * فروح وريحان وجنة نعيم) [3] .
(عيناً يشرب بها المقرّبون) [4] .
ففي شرح قوله تعالى : (ثم أورثنا الكتاب ...) إلى آخر الآية : الظالم يحوم حوم نفسه ، والمقتصد يحوم حوم قلبه ، والسابق يحوم حوم ربّه [5] . وفي معنى الحوم والحومان : هو الدوران . ودوران الظالم لنفسه : حوم نفسه ، اتباعه أهواءها ، في تحصيل ما يرضيها . ودوران المقتصد : حوم قلبه ، اشتغاله بما يزكّي قلبه ، ويطهّره بالزهد والتعبد . ودوران السابق بالخيرات : حوم ربّه ، إخلاصه له تعالى ، فيذكره وينسى غيره ، فلا يرجو إلاّ إيّاه ، ولا يقصد إلاّ إيّاه [6] .
وجاء عن الباقر(عليه السلام) أن السابق بالخيرات : الإمام ، والمقتصد : العارف للإمام ، والظالم لنفسه : الذي لا يعرف الإمام [7] . وجاء أيضاً في هذا الباب عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : «أمّا السابق ، فيدخل الجنّة بغير حساب ، وأمّا المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً ، وأمّا الظالم لنفسه فيحبس في المقام ، ثم يدخل الجنّة . فهم الذين قالوا : الحمد للّه الذي أذهب عنّا الحزن» [8] . وفي قوله تعالى : والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار ، وقوله تعالى : (والسابقون السابقون اولئك المقرّبون) . أنزلها اللّه تعالى في الأنبياء وأوصيائهم ، فيقول(صلى الله عليه وآله) : «فأنا أفضل أنبياء اللّه ورسله ، وعليّ بن أبي طالب وصيي : أفضل الأوصياء» [9] .
مكتوب في الإنجيل : طوبى للمصلحين بين الناس ، اولئك المقرّبون يوم القيامة .
تتميز عبادة المقرّبين عن عبادة غيرهم من الناس ; بأنّها ترقى بأصحابها إلى مصافّ الأنبياء والمرسلين وأوصيائهم صلوات اللّه عليهم أجمعين ، بل المرسلون والأنبياء والأوصياء هم المقرّبون الذين تشير الآيات الكريمة في كلّ مرّة يرد ذكر أسمائهم فيها . ولكن لمّا كانوا هم القدوة في مسيرة الطاعة المخلصة ; فلا ريب أن يلحق بركبهم في هذه الرحاب الصافية المؤمنون المخلصون الصادقون ، فتشملهم الآيات بعنايتها بهم ، إذ يقول(عليه السلام) : «عليكم بصدق الإخلاص ، وحسن اليقين ، فإنّهما أفضل عبادة المقرّبين» . وقال(عليه السلام) أيضاً : «الجود في اللّه عبادة المقرّبين» [10] .
وفي ظلّ هذه القربى الدائمة ، والاتصال المستمرّ مع المحبوب تستمر روح المؤمن صعوداً في مدارج الكمال الرحبة في طريقها إلى المولى المطلق سبحانه وتعالى . فأقرب خلقه إليه ; أحسنهم إيماناً به ، وأوسعهم خلقاً مع عباده ، وأقولهم للحق وإن كان عليه ، وأعملهم به وإن كان فيه كرهه ، وفي مقابل هذه الأوساط الطاهرة من عبادة المتقين يعيش المترفون المتكبرون ، وهم أبعد الناس عن الخالق سبحانه ، ولا يدرون أنهم لا يخفون على ربّهم المنعم عليهم فهم يكتون بلظى البعد عن خالقهم حتى ولو لم يشعروا بذلك . تساورهم الهموم ، ويعيشون الفوضى النفسية والعقلية ، يمخر حياتهم القلق والاضطراب ، فلا قرار لهم ولا اطمئنان ، ولا راحة ولا سعادة . قد أغواهم الشيطان ، وأبعدهم عن طريق الحقّ . وقد نسوا أنهم واقعون تحت رقابة اللّه لهم ، يحصي عليهم أعمالهم ، ويعدّ عليهم أنفاسهم ، ويرصد حركاتهم ، ويعلم خائنة أعينهم ، ويعلم كذلك سرّهم وما يخفى وراءه ، ولكن حينما ينفتح في ضمائرهم في لحظة ما بصيص إحساس ; يشعرون بلوعة المعصية تُلهب قلوبهم ، فيكتوون بنار الخطيئة بل الخطايا التي اقترفوها جراء خوضهم في الباطل ، يقضّ مضاجعهم ، ولا ينفكّ عنهم ، يحرمهم من لذّة الطاعة كما لو كانوا طائعين ، وإضافة إلى هذه الرقابة الإلهية الشاملة الواعية ; هناك رقابة اُخرى غيرها ، ومن لدن هذه الرقابة الإلهية وهي رقابة ملكين كريمين يعلمان ما يفعله الإنسان ، ولا يغفلان عنه طرفة عين أبداً . (وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً) [11] .
نعم ، إن العبادة الخالصة لخالق هذا الإنسان وما حوله ; تلقي بظلالها الوارفة دائماً على حياة العبد المطيع ليعيش في ظلّها حراً كريماً ، ويتنعم من خلالها ببركاتها ولطائف برّها . إلى جانب حرمان الخاطئين منها .
وتجمع معاني هذا الشرح للقرب من اللّه سبحانه الأقوال الشريفة التالية :
«أقرب الناس من اللّه سبحانه ; أحسنهم إيماناً» [12] .
«إنّ أقربكم إلى اللّه ; أوسعكم خلقاً» [13] .
«أقرب العباد إلى اللّه تعالى ; أقولهم للحقّ وإن كان عليه ، وأعملهم بالحقّ وإن كان فيه كرهه» [14] .
«فيما أوحى اللّه عزّوجل إلى داود(عليه السلام) ، ياداود ! كما أن أقرب الناس من اللّه المتواضعون ; كذلك أبعد الناس من اللّه المتكبرون» [15] .
وفي إطار هذا التواضع يكون العبد أقرب إلى ربّه أثناء سجوده ، فهو يعكس في هذه الحالة صورة العبادة في أقصى درجات القرب فيها ، فلا شيء أثمن لدى الإنسان من وجهه في هيكله ، إذ يضعه على الأرض متواضعاً جدّاً ، ويرغم أنفه في هذا الوضع الفريد ، يمسح جبهته على الأرض وخدّيه ، يدعو ربّه ، يسبّحه ويحمده ، ويرجوه ، ويصلّي على نبيّه وآله ، وحينما يرفع رأسه من سجوده ثم يعود إليه ; يكون قد أكمل صورة العبودية بأبهى مواقعها ، معترفاً بأن الدنيا بعدها موت ، وهناك وراءها عالم جديد ، يختلف بكل أبعاده وخصائصه ومميزاته عن العالم الدنيوي الذي فنى ، وقد حُفّ بالمخاطر والمنزلقات وعبادة الشيطان ، هذا الفناء في الدنيا ينطلق بالإنسان إلى عالم ثان يواجه فيه عمله الذي ما كان يلقاه لولا موته الذي انتهى إليه ، فهو أمّا في عليّين إن كان مقرّباً ، أو في سجّين إن كان خاطئاً .
يقرّر هذا المعنى السالف ما جاء عنه(صلى الله عليه وآله) ، حيث يقول :
«أقرب ما يكون العبد إلى اللّه وهو ساجد» [16] . وقول الإمام الصادق(عليه السلام) : «أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا دعا ربّه ; وهو ساجد» [17] .
ويبتعد العبد عن ربّه مقابل قربه منه ; إذا امتلأ بطنه ، ليكون بغيضاً إليه ، بعيداً عنه ، وذلك لأن الامتلاء يميت القلب ، ويقتل الفطنة ، ويُذوي الذكاء ، فيورث ذلك الهمّ والحزن الشديدين ، وإذا كان الأمر كذلك ; فليس بعده إلاّ الطرد عن رحمة اللّه ، والالتحاق بركب الشيطان ، إذ لا ينظر اللّه تعالى إلى عبد همّه بطنه ، وديدنه الشبع ، فتقلّ عبادته ، وتضعف طاعته لربّه ، وتتساوى لديه الحسنة والسيئة ، فلا يقيم لأيّهما وزناً ، وتنعدم لديه الرؤيا فتخونه ذاكرته ، وتنأى به المعصية فتحرف فطرته ، وتسوء أخلاقه ، ويسيء الظنّ حتى بربّه فضلاً عن غيره ، وهذا منتهى الخسران ، وغاية الضياع . يقول الإمام الصادق(عليه السلام) :
«أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا خفّ بطنه . أبغض ما يكون العبد من اللّه إذا امتلأ بطنه» ويواجهنا مشهد آخر من مشاهد التقرّب إلى اللّه ، إذ يتميّز الخلق المطيع في يوم القيامة إلى ثلاثة ، حتى يفزع الناس من الحساب ، حيث يقول الإمام الصادق(عليه السلام) :
«ثلاثة هم أقرب الخلق إلى اللّه يوم القيامة حتى يفزع (الناس) من الحساب : رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه ، ورجل مشى بين إثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة (بشعرة) ورجل قال الحق فيما له وعليه» [18] .
والحيف هنا الجور والظلم بأقصى درجاته ، ولكن لكي يكون العبد قريباً من ربّه وهو في حال غضبه ; أن لا يستسلم لهذا الغضب فيجور على غيره ، لأنه يتذكر قدرة اللّه عليه ; فيجعل العفو عنه إذا عفى شكراً للّه عليه ، واضعاً نصب عينيه : إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس ; فتذكر قدرة اللّه عليك .
ورجل مشى بين اثنين ، فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة أو قُل شعرة ، وهذه كسابقتها صورة مشرقة في حياة المقرّبين ، إذ تحتاج هذه المرحلة من السلوك المستقيم ، والتصرف المنضبط إلى تحكيم الإرادة المنسجمة مع عمق الإيمان بالخالق سبحانه ، والمنطلقة من ثبات العقيدة في القلب ، فقلّما نجد مثل هذه الحركة الفاعلة في تحقيق مرضاة اللّه بأسنى قدرها ، لأن الإمالة إلى جانب عند حدوثها بين اثنين ولو كانت بمقدار شعيرة تنحرف بالإنسان عن خطّ الاستقامة ولو كان ذلك المائل عادلاً . فإذا فعل ذلك حتى ولو لم يعلم فقد شطّ عن الطريق الحق ، وتنكبّ عن العدل فمال به إلى الجور ، فإذا زاول الخطأ في هذا الإطار فقد ينتهي به الأمر إلى الزيغ عن المبدأ والبعد عن الفطرة ، ويلج متاهات الشيطان ليكون من أتباعه ، ولو في هذا الجانب فقط .
ورجل قال الحق فيما له وعليه ، أجل فالحق ليس مجرّد قول وحسب ، بل هو كذلك ، ولكن ليكن مقروناً بالعمل في نطاق الحق ، ليصل الإنسان لا سيّما المقرّب من خلاله إلى أقصى نقطة يلتقي بها مع المعبود على قاعدة شوقه إليه ، وتسليمه الكامل لإرادته ليكون موضع تنفيذها .
وهناك أيضاً في مقام هذا القرب يلتقي العبد الصالح مع ربّه في زرع الطيب بين الناس ليكون كنز الأنام في هذه الزراعة ، بإشاعة المعروف ، وزرع روح الاُخوّة بين الخلق ، والمحافظة على نظام الجماعة ، وتجنيد الطاقات الفكرية والجسدية من أجل البناء ، وتثبيت دعائم العدل والمساواة في المجتمع . وبهذا السلوك العملي ، والتصرف الواعي الهادف يدعوهم اللّه يوم القيامة المباركين ، حتى يكونوا أحسن مقاماً عنده، وأقربهم منزلة منه . فلنستمع في هذا المجال إلى قول الإمام الصادق(عليه السلام)حيث يقول : «الزارعون كنوز الأنام ، يزرعون طيّباً أخرجه اللّه عزّوجل ، وهم يوم القيامة أحسن مقاماً ، وأقربهم منزلة ، يُدْعَوْن المباركين» [19] .
وفي غاية التقرّب يقول(صلى الله عليه وآله) : «قال اللّه عزّوجل ... ما تقرّب إليّ عبد بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه ، وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتى اُحبّه ، فإذا أحببته ; كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها . إن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته» [20] .
وما أحسن هذا القرب الذي يجعل العبد في تقرّبه من ربّه سمعه الذي يسمع به ! وبصره الذي يبصر به ! ولسانه الذي ينطق به ! ويده التي يبطش بها ! وأيّة منزلة هذه التي يكون العبد فيها من ربّه ، إذا دعاه أجابه ، وإذا سأله أعطاه ، وإذا توكّل عليه كفاه ؟ إنّها حياة تزخر برضا الربّ ، وتنسجم مع الفطرة في طهارتها ، ومع الروح في نقائها ، وهنا تكمن عظمة الطاعة في جانبيها من قبل العبد المطيع لسيّده ، فهو كما يحافظ على واجباته المفترضة عليه كذلك نجده يقرن هذه الطاعة بنوافلها ، حتى يتحقق القرب من المولى في غمار هذه الحركة المتدفقة رهبة ورغبة ، وشوقاً وولهاً ، وحبّاً وإذعاناً ، فقد مرّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) على رجل يدعو بيا أرحم الراحمين ، وهو لا يزال يكرّرها ، فقال(صلى الله عليه وآله) له : اذكر حاجتك، فقد نظر اللّه إليك. وقال(صلى الله عليه وآله) يقول اللّه تعالى: «... ما يتقرب إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يبتهل إليّ حتّى اُحبّه . ومن أحببته ; كنت له سمعاً وبصراً ويداً وموئلاً ، إن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته» [21] .
نعم هكذا تفعل العبادة الواعية فعلها بصاحبها ، يهيم العبد في رحابها وجداً بمعبوده ، ويتيّمه الشوق إلى محبوبه حتى لا يرى في الوجود إلاّ وجه ربّه العزيز . فلا يخطو إلاّ وذكر ربّه الجليل لهجاً به لسانه ، ولا يتحرّك إلاّ وهو موقن بخالقه ، سيطر عليه حبّ اللّه حتى شفّه ، وذلّله الشوق حتى أسقمه ، لأن القرب من فاطره يدنيه إليه خوفاً من جفائه إن قصّر فيه ، وطمعاً في لقائه ، ولكن الوصول إلى اللّه عزّوجل سفر شاقّ لا يدرك إلاّ بامتطاء الليل ، وإلاّ بالوقوف بين يدي جبّار السماوات والأرض ، فحينما تهجع العيون ، وتغور نجوم السماء ; يصفُّ هذا المشتاق إلى حبيبه ، متضرعاً بين يدي محبوبه ، يطلب مغفرته ، ويرجو رحمة ربّه ، تنحدر دموع عينيه خوفاً من لقائه ، يسبّحه ويحمده ويهلّله ويناجيه ويكبّره ، ويطلب منه ويرجوه ، مبتغياً بذلك الوصول إليه ، لأنه يعلم أن الاتصال بالمحبوب لا يتم إلاّ إذا انقطع عن المخلوق ، فإذا صبر على ربّه ، وصل إليه ، فهو يناجيه بهذا الابتهال :
«إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى تخرق أبصار القلوب حُجب النور فتصل إلى معدن العظمة . وفي المناجاة أيضاً : سبحانك ما أضيق الطرق على من لم تكن دليله ! وما أوضح الحق عند من هديته سبيله! إلهي فاسلك بنا سُبل الوصول إليك ، وسيّرنا في أقرب الطرق للوفود عليك» [22] .
وممّا يثير الدهشة ويدعو إلى التساؤل أن الغني المستغني بذاته عن خلقه يدعوهم إلى مناجاته ، وكأنّه يتوسل إليهم ، ليتقربوا إليه ، فهو سبحانه يحثّ عباده على طاعته ليرضى عنهم ، فيفتح أمامهم أبواب رحمته ليلجوها فيحظوا بقربه ، وينالوا رضاه عنهم . فكلّما اقترب العبد من ربه شبراً ; يقترب الربّ منه ذراعاً ، وما أتاه عبده مشياً حتى يأتيه هرولة ، فعن يزيد بن نعيم قال : «سمعت أبا ذر الغفاري(رضي الله عنه) وهو على المنبر بالفسطاط يقول : سمعت النبي(صلى الله عليه وآله) يقول : من تقرب إلى اللّه شبراً تقرّب اللّه إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إليه ذراعاً تقرّب إليه باعاً ، ومن أقبل إلى اللّه عزّوجل ماشياً أقبل إليه مهرولاً . واللّه أعلى وأجلّ ، واللّه أعلى وأجلّ ، واللّه أعلى وأجل» [23] .
ولكن حذار من الإدبار عن اللّه ! لأنّ الإدبار عن اللّه يعقبه إدبار اللّه عن العبد ، ويقابله إقبال اللّه على من يقبل عليه . حيث يقول الإمام الباقر(عليه السلام) : «إنّكم إن أقبلتم على اللّه ; أقبلتم ، وإن أدبرتم عنه ; أدبرتم» [24] .
فما هي إذن الأسباب الرئيسة التي تفضي بالعبد إلى ساحة رضا ربّه عنه ، وتجعله قريباً منه ، وتضعه في مقام الذلّ لديه ؟ ففي مقدّمتها البرّ والعقل والعلم والإخلاص بالنيّة ، وأداء الفرائض ، وبمسألة العبد إلى ربّه، وإلى الناس بتركها ، وبالخشية من اللّه ، والبكاء من خوفه ، وبالورع عن المحارم ، وبالزهد يستغني العبد عن غيره إلاّ عن اللّه .
ففيما ناجى اللّه نبيّه موسى(عليه السلام) على الطور ، «أن يا موسى : أبلغ قومك أنّه ما يتقرّب إليّ المتقرّبون بمثل البكاء من خشيتي ، وما تعبّد المتعبدون بمثل الورع عن محارمي . وفي مناجاة اُخرى ، ما تقرّب إليّ المتقرّبون بمثل الورع عن محارمي ، فإنّي أمنحهم جنّات عدني ، لا اُشرك معهم أحداً ، ولا تزيّن إليّ المتزيّنون بمثل الزهد في الدنيا عمّا بهم الغنا عنه» [25] .
وفي وصيّة لقمان لابنه : «يا بنيّ ! أحثّك على ستّ خصال ، ليس منها خصلة إلاّ وتقرّبك إلى رضوان اللّه عزّوجل ، وتباعدك عن سخطه :
الاُولى : أن تعبد اللّه لا تشرك به شيئاً . الثانية : الرضا بقدر اللّه فيما أحببت أو كرهت، والثالثة : أن تحبّ في اللّه وتبغض في اللّه ، والرابعة : تحبّ للناس ما تحبّ لنفسك ، والخامسة : تكظم الغيظ ، وتحسن إلى من أساء إليك . والسادسة : ترك الهوى ، ومخالفة الردى» [26] .
وفي وصيّته(عليه السلام) لولده كما جاء في نهج البلاغة : «إعلم أنّ ما قرّبك من اللّه يباعدك من النار ، وما باعدك من اللّه يقرّبك من النار» [27] .
وفي نهاية هذا المطاف الروحي والعاطفي أيضاً من حديث المقرّبين نلتقي بطائفة اُخرى من الوصايا والمواعظ والحكم القيّمة التي توجّه الإنسان حيث يريد اللّه ، وتحضّه على الابتعاد عمّا يسخط عليه الربّ ، إذ هو المنعم عليه ، والواقع تحت تأثير سلطانه ومراقبته له ، لا يخرج عن دائرة هيمنته ، ولكنه يتوب عليه إذا رجع وتاب ، ويقبل عذره إن اعتذر ، يفتح له أبواب رحمته لتشمله ، وهو سبحانه بعد ذلك يحذّره معصيته لئلا يقع فيها بعد توبته ، فذنب يفعله العبد بعد التوبة يساوي سبعين ذنباً قبلها . وتتجسد تلك المعصية في اتجاهات متعددة ، ومن مفرداتها رجلان : يجالس أحدهما الأمراء ، فما قالوا من قول صدّقهم عليه ، والآخر معلّم الصبيان لا يواسي بينهم ، ولا يراقب اللّه في اليتيم ، وأبعد ما يكون العبد من اللّه عزّوجل إذا لم يهمّه إلاّ بطنه وفرجه [28] .
وإليك قارئي الكريم هذه الطائفة من الوصايا والمواعظ والحكم القيّمة، وهي من أقوال الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار صلوات اللّه عليهم أجمعين :
أكمل الناس عقلاً أخوفهم للّه ، وأطوعهم له ، وأنقص الناس عقلاً أخوفهم للسلطان وأطوعهم له .
سادة الناس في الدنيا الأسخياء ، وفي الآخرة الأتقياء .
مَن خاف القصاص كفّ عن ظلم الناس .
مَن كساه العلم ثوبه ; اختفى عن الناس عيبه .
الاستغفار مع الإصرار ذنوب مجدّدة .
من حاول أمراً بمعصية اللّه كان أفوت لما يرجو ، وأسرع لما يحذر .
طوبى لمن شغله خوف اللّه عن خوف الناس .
طوبى لمن أنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله .
طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره .
إن اللّه يحبّ الجواد في حقّه .
العبادة سبعة أجزاء أفضلها طلب الحلال .
من أكل ما يشتهى وليس ما يشتهي وركب ما يشتهى ; لم ينظر اللّه إليه حتّى ينزع أو يترك .
حسن الخلق يثبت المودة .
من حرم الرفق فقد حرم الخير كلّه .
من طلب رضا المخلوق بسخط الخالق ; سلّط اللّه عزّوجل عليه ذلك المخلوق .
يأتي على الناس زمان لا يبالي الرجل ما تلف من دينه إذا سلمت له دنياه .
احترسوا من الناس بسوء الظّن .
خير من الخير معطيه ، وشر من الشر فاعله .
الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات المتقين .
مَن كان ظاهره أرجح من باطنه خفّ ميزانه .
مَن لم تكن فيه ثلاث خصال لم ينفعه الإيمان : حلم يردّ به جهل السفيه ، وورع يحجزه عن المحارم ، وخلق يداري به الناس .
تعطروا بعطر التوبة قبل أن تفضحكم روائح الذنوب .
إذا كان الجاهل عدوّ نفسه ; فكيف يكون صديق غيره ؟
من شهد أمرأ فكرهه ; كان كمن غاب عنه ، ومن غاب عن أمر فرضيه ; كان كمن شهده.
لا تمار فيذهب بهاؤك ، ولا تمازح فيجترأ عليك .
ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه !
يا عيسى كلّما يقرّبك مني قد دللتك عليه ، وكلما يباعدك مني قد نهيتك عنه فارتد لنفسك .
إنكم لا تدركون ما تأملون إلاّ بالصبر على ما تكرهون ، ولا تبتغون ما تريدون إلاّ بترك ما تشتهون .
وبذلك أكون قد أنهيت توضيح بعض أبعاد موضوع المقرّبين بما استطعت إليه ، وبتوفيق اللّه تعالى تاركاً لقارئي العزيز مقطعاً شريفاً من المناجاة الثامنة للإمام زين العابدين سلام اللّه عليه وعلى آبائه أجمعين ، وهي مناجاة المريدين ، حيث يقول : «فأنت لا غيرك مرادي ، ولك لا لسواك سهري وسُهادي ، ولقاؤك قُرّة عيني ، ووصلك مُنى نفسي ، وإليك شوقي وفي محبّتك ولهي ، وإلى هواك صبابتي ، ورضاك بُغيتي ورؤيتك حاجتي ، وجوارك طلبي ، وقُربك غاية سُؤلي ، وفي مناجاتك روحي وراحتي ، وعندك علّتي وشفاء غُلَّتي ، وبردُ لوعتي وكشف كربتي .
فكن أنيسي في وحشتي ، ومقيل عثرتي ، وغافر زلّتي ، وقابل توبتي ، ومجيب دعوتي ، ووليَّ عصمتي ومغني فاقتي ، ولا تقطعني عنك ، ولا تبعدني منك ، يا نعيمي وجنّتي ، ويا دُنياي وآخرتي» .
« يا أرحم الراحمين »
[1] فاطر : 32 . [2] الواقعة : 10 ـ 11 . [3] الواقعة : 88 ـ 89 . [4] المطفّفين : 28 . [5] الإمام الصادق، معاني الأخبار :
103 . [6] الميزان 17 : 50 . [7] اُصول الكافي 1 : 124 . [8] مجمع البيان 8 : 408 . [9] نور الأبصار 5 : 211 . [10] غرر الحكم . [11] الإسراء : 13 . [12] الإمام علي(عليه السلام) ، غرر
الحكم . [13] الإمام زين العابدين(عليه
السلام) ، فروع الكافي 8 : 69 . [14] الإمام علي(عليه السلام) ، غرر
الحكم . [15] الإمام الصادق(عليه السلام) ،
الكافي 2 : 124 . [16] كنز العمال خ 18935 . [17] فروع الكافي 3 : 323 . [18] الخصال : 81 ، الكافي 2 : 145 ، وسائل
الشيعة 11 : 234 . [19] وسائل الشيعة 13 : 194 . [20] عن الإمام الصادق(عليه السلام)،
اُصول الكافي 2 : 352، بحار الأنوار 70 : 23، سنن
أبي داود في معناه . [21] بحار الأنوار 70 : 16، علل الشرايع
. [22] الإمام زين العابدين ، بحار
الأنوار 94 : 147 . [23] الترهيب والترغيب 4 : 104، رواه
أحمد والطبراني . [24] غرر الحكم . [25] الإمام الصادق(عليه السلام)،
بحار الأنوار 70 : 308، مشكاة الأنوار . [26] مستدرك الوسائل 2 : 28 . [27] نهج البلاغة ، كتاب 76 . [28] الإمام الصادق(عليه السلام) ،
الكافي 2 : 319 .