من غرر حکم أهل البیت (ع)

عبدالقادر فرج الله

نسخه متنی
نمايش فراداده

من غرر حكم أهل البيت(عليهم السلام)

* اعداد عبد القادر فرج اللّه

في رِحاب الامامةِ الوادعةِ تَفيَّأُ القلوبُ الصَّدِئةُ بأحضانِ الرِّضا ، وتَنَشَّقُ أنفاسَ الهُدى والسَّكينةِ ، وتُلفي ربيعَ وُجودِها ، وأُنسَ وَحشتِها وضَياعِها ، فإذا هيَ رَيّا بعد ظمأ ، وخضراءُ بعدَ إقفار ، ومطمئنّةٌ بعد إصحار .

وفي هذا الباب نستشرِفُ في تلك الرِّحابِ من أضوائِها ما يَهدي سَبيلَنا ، ويُقوّمُ خَطَراتِ نفوسِنا ، ويُثبتُ على مسالكِ الحقِّ والحقيقةِ خُطانا ، حيث (يَزيدُ اللّه الّذينَ اهتدَوا هُدىً) و (مَنْ يَهدِ اللّهُ فَهوَ المُهتدِ ومَن يُضلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليّاً مرشِداً) .

وقَد كانتْ مَناهلَ قبَساتِنا هذهِ كلٌّ من كتب بحارُ الانوارِ ، والكافي ، ونهجُ البلاغةِ ، وميزانُ الحكمةِ ، وغرر الحكم .

« التحرير »

القلب السليم

( 1 )

معنى القلب وتعريفه :

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : « إنما سمّي القلب من تقلّبه . إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة تعلّقت في أصل شجرة تقلّبها الريح ظهراً لبطن » .

2 ـ قال الامام امير المؤمنين(عليه السلام) : « القلب مصحف البصر » .

3 ـ وقال(عليه السلام) : « القلب ينبوع الحكمة » .

قلبك أعجب مافيك :

1 ـ قال الامام امير المؤمنين(عليه السلام) : « لقد عُلّق بنياط هذا الانسان بضعة هي أعجب مافيه ، وذلك القلب ; وذلك أن له موادّ من الحكمة وأضداداً من خلافها ، فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الاسف ، وإن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ ، وإن أسعده الرضا نسي التحفّظ ، وإن غاله الخوف شغله الحذر ، وإن اتسع له الامر استلبته الغرّة ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى ، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع وإن عضّته الفاقة شغله البلاء ، وإن جهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظّته البطنة ، فكل تقصير به مضرّ ، وكل إفراط له مفسد » .

القلب إمام الجسد :

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : « القلب ملك وله جنود ، فإذا صلح الملك صلحت جنوده ، وإذا فسد الملك فسدت جنوده » .

2 ـ وقال(صلى الله عليه وآله) : « إذا طاب قلب المرء طاب جسده ، وإذا خبث القلب خبث الجسد » .

3 ـ وقال(صلى الله عليه وآله) : « في الانسان مضغة إذا هي سلمت وصحّت سلم بها سائر الجسد ، فإذا سقمت سقم بها سائر الجسد وهي القلب » .

4 ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) : « إن منزلة القلب من الجسد بمنزلة الامام من الناس » .

اصناف القلوب :

1 ـ قال الامام الباقر(عليه السلام) : « القلوب ثلاثة : قلب منكوس لا يعثر على شيء من الخير ، وهو قلب الكافر ، وقلب فيه نكتة سوداء ، فالخير والشرّ فيه يعتلجان ، فما كان منه أقوى غلب عليه ، وقلب مفتوح فيه مصباح يزهر فلا يطفأ نوره إلى يوم القيامة ، وهو قلب المؤمن » .

2 ـ وقال(عليه السلام) : « القلوب أربعة : قلب فيه نفاق وإيمان ، وقلب منكوس ، وقلب مطبوع ، وقلب أزهر أنور ... فأما المطبوع فقلب المنافق ، وأما الازهر فقلب المؤمن ، إن أعطاه اللّه عزوجل شكر ، وإن ابتلاه صبر ، وأما المنكوس فقلب المشرك ، ... وأما القلب الذي فيه إيمان ونفاق فهم قوم كانوا بالطائف ، فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك ، وإن أدرك على إيمانه نجا » .

خير القلوب :

1 ـ قال الامام علي(عليه السلام) : « إن هذه القلوب أوعية ، فخيرها أوعاها للخير » .

2 ـ وقال(عليه السلام) : « أفضل القلوب قلب حُشي بالفهم » .

3 ـ وقال(عليه السلام) : « اعلموا أن اللّه سبحانه لم يمدح من القلوب إلاّ أوعاها للحكمة » .

القلب السليم :

1 ـ سئل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : « ما القلب السليم ؟ فقال : دين بلا شك وهوى ، وعمل بلا سمعة ورياء » .

2 ـ قال الامام امير المؤمنين(عليه السلام) : « لا يصدر عن القلب السليم إلاّ المعنى المستقيم » .

3 ـ وعنه(عليه السلام) : « لا يسلم لك قلبك ، حتى تحبّ للمؤمنين ماتحب لنفسك » .

4 ـ وعنه(عليه السلام) : « إذا أراد اللّه بعبد خيراً رزقه قلباً سليماً ، وخلقاً قويماً » .

5 ـ قال الامام الحسن(عليه السلام) : « أسلم القلوب ما طهر من الشبهات » .

6 ـ قال الامام الباقر(عليه السلام) : « لا علم كطلب السلامة ، ولا سلامة كسلامة القلب » .

7 ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) : في قوله تعالى : (إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم): « القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه . وكل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط » .

8 ـ وعنه(عليه السلام) أيضاً : « هو القلب الذي سلم من حب الدنيا » .

9 ـ وقال(عليه السلام) : « صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم ; لان سلامة القلب من هواجس المذكورات تخلص النية للّه في الامور كلها ... » .

عين القلب :

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : « ما من عبد إلاّ وفي وجهه عينان يبصر بهما أمر الدنيا ، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الاخرة ، فإذا أراد اللّه بعبد خيراً فتح عينيه اللتين في قلبه ، فأبصر بهما ما وعده بالغيب ، فآمن بالغيب على الغيب ... » .

2 ـ وعنه(صلى الله عليه وآله) : « لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت » .

3 ـ قال امير المؤمنين(عليه السلام) : « الناظر بالقلب ، العامل بالبصر ، يكون مبتدأ عمله أن يعلم أعمله عليه أم له ، فإن كان له مضى فيه ، وإن كان عليه وقف عنه » .

4 ـ وعنه(عليه السلام) : « تكاد ضمائر القلوب تطلع على سرائر الغيوب » .

5 ـ ومن دعاء له عليه السلام : « الهي هب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحنا معلّقة بعز قدسك » .

6 ـ قال الامام زين العابدين(عليه السلام) : « ألا إن للعبد أربع أعين : عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه ، وعينان يبصر بهما أمر آخرته ، فإذا أراد اللّه بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه ، فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته ، وإذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه » .

أذن القلب :

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : « إن للقلب أذنين ، فإذا هم العبد بذنب قال له روح الايمان : لا تفعل ، وقال له الشيطان افعل ... » .

2 ـ وعنه(صلى الله عليه وآله) : « لولا تمزّع (تفرّق) قلوبكم وتزيّدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع » .

3 ـ قال امير المؤمنين(عليه السلام) : « إنما مثلي بينكم كمثل السراج في الظلمة يستضيء به من ولجها ; فاسمعوا أيـّها الناس وعوا وأحضروا آذان قلوبكم تفهموا » .

4 ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) : « إن للقلب أذنين : روح الايمان يسارّه بالخير ، والشيطان يسارّه بالشر ، فأيهما ظهر على صاحبه غلبه » .

5 ـ وعنه(عليه السلام) : « ما من قلب إلاّ وله أذنان ، على إحداهما ملك مرشد ، وعلى الاخرى شيطان مفتّن ، هذا يأمره وهذا يزجره . الشيطان يأمره بالمعاصي ، والملك يزجره عنها ، وهو قول اللّه عزوجل : (عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد) » .

6 ـ وقال(عليه السلام) : « إن لك قلباً ومسامع ، وإن اللّه إذا أراد أن يهدي عبداً فتح مسامع قلبه ، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبداً ، وهو قول اللّه عزوجل : (أم على قلوب أقفالها) » .

حالات القلب وأطواره :

1 ـ قال امير المؤمنين(عليه السلام) : « إن للقلوب شهوة وإقبالاً وإدباراً ، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ; فإن القلب إذا أُكره عمي » .

2 ـ وقال(عليه السلام) : « إن للقلوب إقبالاً وإدباراً ، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل ، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض » .

3 ـ وعنه(عليه السلام) : « إن هذه القلوب تملّ كما تملّ الابدان ، فابتغوا لها طرائف الحكم » .

4 ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) : « إن القلب يحيى ويموت ، فإذا حيي فأدّبه بالتطوّع ، وإذا مات فاقصره على الفرائض » .

5 ـ قال الامام الرضا(عليه السلام) : « إن للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً ، فإذا أقبلت بصُرت وفهمت ، وإذا أدبرت كلّت وملّت ، فخذوها عند إقبالها ونشاطها ، واتركوها عند إدبارها وفتورها » .

6 ـ قال الامام الحسن العسكري(عليه السلام) : « إذا نشطت القلوب فأودعوها ، وإذا نفرت فودّعوها » .