تفسير شبر

السید عبدالله العلوی الحسینی المشتهر بالشبر

نسخه متنی
نمايش فراداده

تفسير شبر سوره شوري

( 42 ) سورة الشورى ثلاث و خمسون آية ( 53 ) مكية

إلا قل لا أسألكم الأربع .

بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم‏(1) عسق‏(2) كَذَلِك يُوحِى إِلَيْك وَ إِلى الَّذِينَ مِن قَبْلِك اللَّهُ الْعَزِيزُ الحَْكِيمُ‏(3)

« بسم الله الرحمن الرحيم حم عسق كذلك» الإيحاء أو مثل معاني السورة « يوحي» أوحى « إليك و إلى الذين من قبلك» عبر بالمضارع إيذانا بأن إيحاء مثله عادته « الله»

تفسير شبر ص :453

كَذَلِك يُوحِى إِلَيْك وَ إِلى الَّذِينَ مِن قَبْلِك اللَّهُ الْعَزِيزُ الحَْكِيمُ‏(3) لَهُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِوَ هُوَ الْعَلىُّ الْعَظِيمُ‏(4) تَكادُ السمَوت يَتَفَطرْنَ مِن فَوْقِهِنَّوَ الْمَلَئكَةُ يُسبِّحُونَ بحَمْدِ رَبهِمْ وَ يَستَغْفِرُونَ لِمَن فى الأَرْضِأَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏(5) وَ الَّذِينَ اتخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيهِمْ وَ مَا أَنت عَلَيهِم بِوَكِيلٍ‏(6) وَ كَذَلِك أَوْحَيْنَا إِلَيْك قُرْءَاناً عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَ مَنْ حَوْلهََا وَ تُنذِرَ يَوْمَ الجَْمْع لا رَيْب فِيهِفَرِيقٌ فى الجَْنَّةِ وَ فَرِيقٌ فى السعِيرِ(7) وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لجََعَلَهُمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ لَكِن يُدْخِلُ مَن يَشاءُ فى رَحْمَتِهِوَ الظلِمُونَ مَا لهَُم مِّن وَلىّ‏ٍ وَ لا نَصِيرٍ(8) أَمِ اتخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَفَاللَّهُ هُوَ الْوَلىُّ وَ هُوَ يحْىِ الْمَوْتى وَ هُوَ عَلى كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ قَدِيرٌ(9) وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شىْ‏ءٍ فَحُكْمُهُ إِلى اللَّهِذَلِكُمُ اللَّهُ رَبى عَلَيْهِ تَوَكلْت وَ إِلَيْهِ أُنِيب‏(10) فَاطِرُ السمَوَتِ وَ الأَرْضِجَعَلَ لَكم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجاً وَ مِنَ الأَنْعَمِ أَزْوَجاًيَذْرَؤُكُمْ فِيهِلَيْس كَمِثْلِهِ شىْ‏ءٌوَ هُوَ السمِيعُ البَصِيرُ(11) لَهُ مَقَالِيدُ السمَوَتِ وَ الأَرْضِيَبْسط الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ وَ يَقْدِرُإِنَّهُ بِكلّ‏ِ شىْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏(12) × شرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْك وَ مَا وَصيْنَا بِهِ إِبْرَهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسىأَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِكَبرَ عَلى الْمُشرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِاللَّهُ يجْتَبى إِلَيْهِ مَن يَشاءُ وَ يهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيب‏(13)

« العزيز الحكيم له ما في السموات و ما في الأرض و هو العلي العظيم تكاد السموات» بالتاء و الياء « يتفطرن» يتشققن أن دعوا له ولدا « من فوقهن» أي يبتدى‏ء الانفطار من أعلاهن و تخصيصه للدلالة على انفطار أسفلهن بالأولوية و لزيادة التهويل « و الملائكة يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون لمن في الأرض» من المؤمنين « ألا إن الله هو الغفور الرحيم» لأوليائه أو كل خلقه إذ رحمته في الدنيا وسعت كل شي‏ء « و الذين اتخذوا من دونه أولياء» أي الأصنام « الله حفيظ» محص « عليهم» أعمالهم فمجازيهم بها « و ما أنت عليهم بوكيل» تطالب بإيمانهم ، إن عليك إلا البلاغ « و كذلك» الإيحاء « أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى و من حولها» أهل مكة و سائر الناس العذاب « و تنذر» الناس « يوم الجمع» يوم القيامة تجمع فيه الخلق و الأرواح و الأجساد أو كل عامل و عمله « لا ريب فيه» اعتراض « فريق» منهم « في الجنة و فريق في السعير» في النار « و لو شاء الله لجعلهم أمة واحدة» و قسرهم على دين واحد و هو الإسلام لكنه لم يفعل لمنافاته التكليف « و لكن يدخل من يشاء في رحمته» بالهداية « و الظالمون ما لهم من ولي و لا نصير» يمنعهم من العذاب « أم اتخذوا من دونه أولياء» أي الأصنام و أم منقطعة و الهمزة للإنكار التوبيخي « فالله هو الولي» جواب شرط مقدر كأنه قيل بعد إنكار أن يتخذ وليا سواه إن أراد وليا بالحق فالله هو الولي بالحق « و هو يحيي الموتى و هو على كل شي‏ء قدير» فهو الحقيق بالولاية « و ما اختلفتم فيه من شي‏ء» من أمور دينكم و دنياكم « فحكمه» مفوض « إلى الله» يفصل بينكم بإثابة المحق و معاقبة المبطل « ذلكم الله ربي» بتقدير قل « عليه توكلت و إليه أنيب» أرجع في أموري « فاطر السموات و الأرض» و « جعل لكم من أنفسكم» و جنسكم « أزواجا» نساء « و من الأنعام» و جعل لها من جنسها « أزواجا» ذكورا و إناثا أو لكم منها أصنافا « يذرؤكم» يخلقكم و يكثركم من الذرء أي البث « فيه» في هذا الجعل « ليس كمثله شي‏ء» أريد ب مثله ذاته كقولهم مثلك لا يبخل أو الكاف زائدة « و هو السميع البصير له مقاليد السموات و الأرض» مفاتيح خزائنهما « يبسط الرزق» يوسعه « لمن يشاء و يقدر» يضيقه لمن يشاء « إنه بكل شي‏ء عليم» و منه مصالح البسط و القبض

تفسير شبر ص :454

شرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْك وَ مَا وَصيْنَا بِهِ إِبْرَهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسىأَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِكَبرَ عَلى الْمُشرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِاللَّهُ يجْتَبى إِلَيْهِ مَن يَشاءُ وَ يهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيب‏(13) وَ مَا تَفَرَّقُوا إِلا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيَا بَيْنهُمْوَ لَوْ لا كلِمَةٌ سبَقَت مِن رَّبِّك إِلى أَجَلٍ مُّسمًّى لَّقُضىَ بَيْنهُمْوَ إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَب مِن بَعْدِهِمْ لَفِى شكٍ مِّنْهُ مُرِيبٍ‏(14) فَلِذَلِك فَادْعُوَ استَقِمْ كمَا أُمِرْتوَ لا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْوَ قُلْ ءَامَنت بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كتَبٍوَ أُمِرْت لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُاللَّهُ رَبُّنَا وَ رَبُّكُمْلَنَا أَعْمَلُنَا وَ لَكُمْ أَعْمَلُكمْلا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمُاللَّهُ يجْمَعُ بَيْنَنَاوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ(15) وَ الَّذِينَ يحَاجُّونَ فى اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا استُجِيب لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضةٌ عِندَ رَبهِمْ وَ عَلَيهِمْ غَضبٌ وَ لَهُمْ عَذَابٌ شدِيدٌ(16) اللَّهُ الَّذِى أَنزَلَ الْكِتَب بِالحَْقّ‏ِ وَ الْمِيزَانَوَ مَا يُدْرِيك لَعَلَّ الساعَةَ قَرِيبٌ‏(17) يَستَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَاوَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مُشفِقُونَ مِنهَا وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الحَْقُّأَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فى الساعَةِ لَفِى ضلَلِ بَعِيدٍ(18) اللَّهُ لَطِيف بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشاءُوَ هُوَ الْقَوِى الْعَزِيزُ(19) مَن كانَ يُرِيدُ حَرْث الاَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فى حَرْثِهِوَ مَن كانَ يُرِيدُ حَرْث الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنهَا وَ مَا لَهُ فى الاَخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ‏(20)

« شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم و موسى و عيسى» أي بين لكم من الدين ما اشترك فيه نوح و محمد (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و من بينهما من أهل الشرائع المفسر بقوله « أن أقيموا الدين» أي أصوله من التوحيد و النبوة و المعاد « و لا تتفرقوا فيه كبر» عظم « على المشركين ما تدعوهم إليه» من التوحيد « الله يجتبي إليه» إلى دينه « من يشاء» توفيقه له « و يهدي» بالتوفيق « إليه من ينيب» يقبل إليه « و ما تفرقوا» أي أهل الكتاب أو أهل الأوثان « إلا من بعد ما جاءهم العلم» بصحة نبوة محمد (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) أو بالتوحيد « بغيا بينهم» حسدا و عداوة « و لو لا كلمة سبقت من ربك» بتأخيره الجزاء « إلى أجل مسمى» هو القيامة « لقضي بينهم» بإهلاك المبطلين « و إن الذين أورثوا الكتاب» و هم العرب أورثوا القرآن أو أهل الكتاب المعاصرون له (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) « من بعدهم» من بعد أهل الكتاب « لفي شك منه» من القرآن أو كتابهم لا يعلمونه كما هو « مريب» موقع الريبة « فلذلك» فلأجل ذلك التفرق أو الشك « فادع» إلى الدين الحنيفي « و استقم» عليه « كما أمرت و لا تتبع أهواءهم» الباطلة في تركها « و قل ءامنت بما أنزل الله من كتاب و أمرت لأعدل» بأن أعدل « بينكم» في التبليغ في الحكم « الله ربنا و ربكم لنا أعمالنا و لكم أعمالكم» لكل جزاء عمله « لا حجة» لا محاجة و لا خصومة « بيننا و بينكم» لظهور الحق فلا وجه لها « الله يجمع بيننا» و بينكم يوم القيامة لفصل القضاء « و إليه المصير» المرجع « و الذين يحاجون في الله» في دينه « من بعد ما استجيب له» بعد ما استجاب له الناس و قبلوه أو بعد ما استجاب الله لرسوله دعاءه بالنصر « حجتهم داحضة» باطلة « عند ربهم و عليهم غضب» منه « و لهم عذاب شديد» بكفرهم « الله الذي أنزل الكتاب» جنسه أو القرآن « بالحق» متلبسا بالغرض الصحيح « و الميزان» و أنزل العدل أو الشرع المنصف بين الناس أو ألهمهم اتخاذ آلة الوزن « و ما يدريك لعل الساعة» مجيئها « قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها» استهزاء « و الذين ءامنوا مشفقون» خائفون « منها» خوفا مقرونا بالرجاء « و يعلمون أنها الحق» الواجب كونه « ألا إن الذين يمارون» يخاصمون من المرية الشك « في الساعة لفي ضلال بعيد» عن الصواب « الله لطيف بعباده» يعمهم ببره و لم يعاجل مسيئهم بالعقوبة « يرزق من يشاء و هو القوي العزيز من كان يريد» بعلمه « حرث الآخرة» ثوابها « نزد له في حرثه» نضاعف له الواحد عشرة

تفسير شبر ص :455

مَن كانَ يُرِيدُ حَرْث الاَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فى حَرْثِهِوَ مَن كانَ يُرِيدُ حَرْث الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنهَا وَ مَا لَهُ فى الاَخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ‏(20) أَمْ لَهُمْ شرَكؤُا شرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُوَ لَوْ لا كلِمَةُ الْفَصلِ لَقُضىَ بَيْنهُمْوَ إِنَّ الظلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏(21) تَرَى الظلِمِينَ مُشفِقِينَ مِمَّا كسبُوا وَ هُوَ وَاقِعُ بِهِمْوَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ فى رَوْضاتِ الْجَنَّاتِلهَُم مَّا يَشاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْذَلِك هُوَ الْفَضلُ الْكَبِيرُ(22) ذَلِك الَّذِى يُبَشرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِقُل لا أَسئَلُكمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فى الْقُرْبىوَ مَن يَقْترِف حَسنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسناًإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شكُورٌ(23) أَمْ يَقُولُونَ افْترَى عَلى اللَّهِ كَذِباًفَإِن يَشإِ اللَّهُ يخْتِمْ عَلى قَلْبِكوَ يَمْحُ اللَّهُ الْبَطِلَ وَ يحِقُّ الحَْقَّ بِكلِمَتِهِإِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصدُورِ(24) وَ هُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السيِّئَاتِ وَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ‏(25) وَ يَستَجِيب الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ وَ يَزِيدُهُم مِّن فَضلِهِوَ الْكَفِرُونَ لهَُمْ عَذَابٌ شدِيدٌ(26) × وَ لَوْ بَسط اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فى الأَرْضِ وَ لَكِن يُنزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشاءُإِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ(27) وَ هُوَ الَّذِى يُنزِّلُ الْغَيْث مِن بَعْدِ مَا قَنَطوا وَ يَنشرُ رَحْمَتَهُوَ هُوَ الْوَلىُّ الْحَمِيدُ(28)

« و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها» ما قسمنا له « و ما له في الآخرة من نصيب» إذ الأعمال بالنيات « أم» بل « لهم» و الهمزة للتوبيخ « شركاء» و هم شياطينهم « شرعوا لهم من الدين» الباطل « ما لم يأذن به الله» كالشرك و نفي البعث « و لو لا كلمة الفصل» الوعد بتأخير الفصل إلى القيامة « لقضي بينهم» و بين المؤمنين بإهلاكهم في الدنيا « و إن الظالمين لهم عذاب أليم» في الآخرة « ترى الظالمين» يوم القيامة « مشفقين» خائفين « مما كسبوا» من الجرائم « و هو» أي وباله « واقع بهم» لا محالة « و الذين ءامنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات» في متنزهاتها « لهم ما يشاءون» يتمنونه « عند ربهم ذلك» الثواب « هو الفضل الكبير ذلك» الثواب و التبشير « الذي يبشر الله عباده الذين ءامنوا و عملوا الصالحات» أي يبشرهم به حذف الجار و العائد « قل لا أسألكم عليه» على تبليغ الرسالة « أجرا إلا المودة» كائنة « في القربى و من يقترف» يكتسب « حسنة» روي أنها مودة آل الرسول « نزد له فيها حسنا» بتضعيف ثوابها « إن الله غفور» للسيئات « شكور» للحسنات « أم» بل « يقولون افترى على الله كذبا» بالقرآن أو بدعوى الرسالة « فإن يشإ الله يختم على قلبك» ينسيك القرآن فكيف تقدر أن تفتري عليه أو يربط على قلبك بالصبر على أذاهم « و يمح الله الباطل و يحق الحق» يثبته « بكلماته» يوحيه « إنه عليم بذات الصدور» بضمائر القلوب « و هو الذي يقبل التوبة عن عباده و يعفو عن السيئات و يعلم ما تفعلون» بالتاء و الياء « و يستجيب الذين ءامنوا و عملوا الصالحات» أي يستجيب الله لهم بإعطائهم ما سألوا و إثابتهم على طاعتهم « و يزيدهم من فضله» على ما فعلوا و استحقوا بالطاعة أو بالاستجابة « و الكافرون لهم عذاب شديد» استحقوه بكفرهم « و لو بسط الله الرزق لعباده» جميعهم « لبغوا في الأرض» لبطروا و تجبروا و ظلم بعضهم بعضا « و لكن ينزل» بالتشديد و التخفيف « بقدر» بتقدير « ما يشاء» بحسب مصالحهم « إنه بعباده خبير بصير و هو الذي ينزل الغيث» المطر النافع « من بعد ما قنطوا» يئسوا منه « و ينشر رحمته و هو الولي الحميد و من ءاياته»

تفسير شبر ص :456

وَ مِنْ ءَايَتِهِ خَلْقُ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا بَث فِيهِمَا مِن دَابَّةٍوَ هُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشاءُ قَدِيرٌ(29) وَ مَا أَصبَكم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسبَت أَيْدِيكمْ وَ يَعْفُوا عَن كَثِيرٍ(30) وَ مَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فى الأَرْضِوَ مَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلىّ‏ٍ وَ لا نَصِيرٍ(31) وَ مِنْ ءَايَتِهِ الجَْوَارِ فى الْبَحْرِ كالأَعْلَمِ‏(32) إِن يَشأْ يُسكِنِ الرِّيحَ فَيَظلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلى ظهْرِهِإِنَّ فى ذَلِك لاَيَتٍ لِّكلّ‏ِ صبَّارٍ شكُورٍ(33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسبُوا وَ يَعْف عَن كَثِيرٍ(34) وَ يَعْلَمَ الَّذِينَ يجَدِلُونَ فى ءَايَتِنَا مَا لهَُم مِّن محِيصٍ‏(35) فَمَا أُوتِيتُم مِّن شىْ‏ءٍ فَمَتَعُ الحَْيَوةِ الدُّنْيَاوَ مَا عِندَ اللَّهِ خَيرٌ وَ أَبْقَى لِلَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَلى رَبهِمْ يَتَوَكلُونَ‏(36) وَ الَّذِينَ يجْتَنِبُونَ كَبَئرَ الاثمِ وَ الْفَوَحِش وَ إِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ‏(37) وَ الَّذِينَ استَجَابُوا لِرَبهِمْ وَ أَقَامُوا الصلَوةَ وَ أَمْرُهُمْ شورَى بَيْنهُمْ وَ مِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنفِقُونَ‏(38) وَ الَّذِينَ إِذَا أَصابهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ‏(39) وَ جَزؤُا سيِّئَةٍ سيِّئَةٌ مِّثْلُهَافَمَنْ عَفَا وَ أَصلَحَ فَأَجْرُهُ عَلى اللَّهِإِنَّهُ لا يحِب الظلِمِينَ‏(40) وَ لَمَنِ انتَصرَ بَعْدَ ظلْمِهِ فَأُولَئك مَا عَلَيهِم مِّن سبِيلٍ‏(41) إِنَّمَا السبِيلُ عَلى الَّذِينَ يَظلِمُونَ النَّاس وَ يَبْغُونَ فى الأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقّ‏ِأُولَئك لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏(42)

على وجوده و قدرته و حكمته « خلق السموات و الأرض و ما بث» و خلق ما نشر « فيهما من دابة و هو على جمعهم» حشرهم « إذا يشاء قدير» في أي وقت شاء لا يتعذر عليه « و ما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم» فبسبب ذنوبكم « و يعفو عن كثير» منها فلا يعجل عقوبة رحمته و استدراجا و ما أصاب غير المذنبين فلتعريضهم للأجر « و ما أنتم بمعجزين» بفائتين الله هربا « في الأرض و ما لكم من دون الله من ولي» يمنعكم من عذابه « و لا نصير» يدفعه عنكم « و من ءاياته الجوار» السفن الجارية « في البحر كالأعلام» كالجبال « إن يشأ يسكن الريح» و قرى‏ء الرياح « فيظللن رواكد» واقفة « على ظهره» ظهر البحر « إن في ذلك لآية لكل صبار» على البلاء « شكور» للنعم « أو يوبقهن» أو إن يشأ يهلكهن بأهلهن بقصوف الريح « بما كسبوا» من الذنوب « و يعف» بالجزم « عن كثير» منهم « و يعلم الذين يجادلون في ءاياتنا ما لهم من محيص» مهرب من العذاب « فما أوتيتم من شي‏ء فمتاع الحيوة الدنيا» تمتعون به زمن حياتكم « و ما عند الله» من الثواب « خير و أبقى» إذ لا ينقص و لا ينقطع « للذين ءامنوا و على ربهم يتوكلون» في أمورهم « و الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش و إذا ما غضبوا هم يغفرون و الذين استجابوا لربهم» أجابوه إلى ما دعاهم إليه من الإيمان « و أقاموا الصلوة و أمرهم شورى» أي ذو تشاور « بينهم» لا يقدمون عليه حتى يتشاوروا فيه « و مما رزقناهم ينفقون» في طاعة الله « و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون» بلا تعد لحدود الله و لا ينافي وصفهم بالغفران لاختلاف المحل إذ العفو إنما يحسن عن العاجز لا الباغي المتغلب و الانتصار بالعكس « و جزاء سيئة سيئة مثلها» سمي الجزاء سيئة للازدواج « فمن عفا» عن حقه « و أصلح» بينه و بين خصمه « فأجره على الله» و هو خير له من انتصاره « إنه لا يحب الظالمين و لمن انتصر بعد ظلمه» بعد أن ظلم « فأولئك ما عليهم من سبيل» مؤاخذة « إنما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم»

تفسير شبر ص :457

إِنَّمَا السبِيلُ عَلى الَّذِينَ يَظلِمُونَ النَّاس وَ يَبْغُونَ فى الأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقّ‏ِأُولَئك لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏(42) وَ لَمَن صبرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذَلِك لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ(43) وَ مَن يُضلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلىّ‏ٍ مِّن بَعْدِهِوَ تَرَى الظلِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَاب يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِّن سبِيلٍ‏(44) وَ تَرَاهُمْ يُعْرَضونَ عَلَيْهَا خَشِعِينَ مِنَ الذُّلّ‏ِ يَنظرُونَ مِن طرْفٍ خَفِىّ‏ٍوَ قَالَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ الخَْسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِأَلا إِنَّ الظلِمِينَ فى عَذَابٍ مُّقِيمٍ‏(45) وَ مَا كانَ لهَُم مِّنْ أَوْلِيَاءَ يَنصرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِوَ مَن يُضلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سبِيلٍ‏(46) استَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتىَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِمَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئذٍ وَ مَا لَكُم مِّن نَّكيرٍ(47) فَإِنْ أَعْرَضوا فَمَا أَرْسلْنَك عَلَيهِمْ حَفِيظاًإِنْ عَلَيْك إِلا الْبَلَغُوَ إِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الانسنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بهَاوَ إِن تُصِبهُمْ سيِّئَةُ بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الانسنَ كَفُورٌ(48) لِّلَّهِ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِيخْلُقُ مَا يَشاءُيهَب لِمَن يَشاءُ إِنَثاً وَ يَهَب لِمَن يَشاءُ الذُّكُورَ(49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَ إِنَثاًوَ يجْعَلُ مَن يَشاءُ عَقِيماًإِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ(50) × وَ مَا كانَ لِبَشرٍ أَن يُكلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاى حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسولاً فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُإِنَّهُ عَلىٌّ حَكيمٌ‏(51)

بظلمهم و بغيهم « و لمن صبر» فلم ينتصر « و غفر» و صفح « إن ذلك» الصبر و الصفح « لمن عزم الأمور» معزوماتها المأمور بها « و من يضلل الله» يخليه و ضلاله « فما له من ولي» ناصر يتولاه « من بعده» بعد خذلان الله إياه « و ترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد» إلى الدنيا « من سبيل و تراهم يعرضون عليها» على النار المعلومة من العذاب « خاشعين» متواضعين « من الذل ينظرون من طرف خفي» يبتدى‏ء نظرهم إليها من تحريك لأجفانهم ضعيف نظر مسارقة « و قال الذين ءامنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة» لتخليدهم في النار و عدم انتفاعهم بأهليهم « ألا إن الظالمين في عذاب مقيم» من كلامهم أو قول الله « و ما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله و من يضلل الله فما له من سبيل» يوصله إلى الجنة « استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله» صلة مرد أي لا يرده الله بعد إتيانه أو ليأتي أي قبل أن يأتي يوم من الله لا مرد له « ما لكم من ملجإ» معقل « يومئذ و ما لكم من نكير» إنكاري بكم « فإن أعرضوا» عن إجابتك « فما أرسلناك عليهم حفيظا» رقيبا « إن عليك إلا البلاغ» و قد بلغت « و إنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها و إن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور» كثير الكفران وضع الإنسان موضع ضميره تسجيلا على جنسه بذلك « لله ملك السموات و الأرض» لا يشاركه أحد فيه « يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء» من الأولاد « إناثا و يهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا و إناثا و يجعل من يشاء عقيما» أي يخص بعضا بالإناث و بعضا بالذكورة و بعضا بالضعفين و يعقم بعضا و إنما قدم الإناث أولا و أخرها ثانيا و عرف الذكورة و نكر الإناث لأن مساق الآية للدلالة على أن الواقع ما يتعلق به مشيئة الله لا مشيئة الناس فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الناس أهم ، و لما أخر الذكور تدارك تأخيرهم بالتعريف لأن التعريف تنويه و نكر الإناث للتحقير ثم أعطى كلا من الجنسين حقه من التقديم و التأخير ليعلم أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن و لكن لغرض آخر « إنه عليم قدير» على ما يشاء « و ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا» و هو الإلهام و المنام كما وقع لأم موسى و إبراهيم « أو من وراء حجاب» بأن يسمعه الصوت و لا يرى محله « أو يرسل رسولا» ملكا كجبرئيل « فيوحي» الرسول إلى النبي « بإذنه» بأمر الله « ما يشاء» الله .

تفسير شبر ص :458

وَ مَا كانَ لِبَشرٍ أَن يُكلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاى حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسولاً فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشاءُإِنَّهُ عَلىٌّ حَكيمٌ‏(51) وَ كَذَلِك أَوْحَيْنَا إِلَيْك رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَامَا كُنت تَدْرِى مَا الْكِتَب وَ لا الايمَنُ وَ لَكِن جَعَلْنَهُ نُوراً نهْدِى بِهِ مَن نَّشاءُ مِنْ عِبَادِنَاوَ إِنَّك لَتهْدِى إِلى صِرَطٍ مُّستَقِيمٍ‏(52) صِرَطِ اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِأَلا إِلى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ(53)

« إنه علي» عن رؤية الأبصار « حكيم» في أفعاله « و كذلك» أي كما أوحينا إلى سائر الرسل « أوحينا إليك روحا» هو القرآن يحيي به القلوب أو جبرئيل أو خلق أعظم منه بالوحي « من أمرنا ما كنت تدري» قبل الوحي « ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه» أي الكتاب أو الإيمان « نورا نهدي به من نشاء من عبادنا و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم» تدعو إلى دين الإسلام « صراط الله الذي له ما في السموات و ما في الأرض» ملكا و خلقا « ألا إلى الله تصير الأمور» ترجع و فيه وعد و وعيد .