وأضف إلى ذلك أنه لو كانت هنا رواية تدل على اعتبار اللفظ في لزوم البيع لتمسك بها المصنف في المقام، ولم يحتج إلى التمسك بالسيرة، بل لم يبق مجال لقوله (رحمه الله): بل يظهر منها أن ايجاب البيع باللفظ دون مجرد التعاطي كان متعارفا بين أهل السوق والتجار، ضرورة أنه بعد وجود الرواية المعتبرة الدالة على اعتبار اللفظ في لزوم البيع لا تصل النوبة إلى الأمور الاستحسانية.
ولكن نحتمل قويا أن تكون كلمة ذلك في قوله (رحمه الله): وقد يظهر ذلك من غير واحد من الأخبار، إشارة إلى ما ذكره قبل هذه العبارة من جعل اللفظ من جملة القرائن على قصد التمليك بالتقابض، فإن هذا المعنى يظهر من الروايات العديدة (1)، بل يظهر من جملة منها (2) إن انشاء البيع باللفظ كان متعارفا بين التجار وأهل السوق، وعلى هذا فلا وهن في كلام المنصف (رحمه الله).
قوله (رحمه الله): بقي الكلام في الخبر (3) الذي تمسك به في باب المعاطاة.
1 - هي الروايات الدالة على كون المشتري مختارا في ايجاب البيع وعدمه بعد المقاولة
على المبيع الشخصي غير الموجود عند البائع، الوسائل 18: 303 إلى 310، الباب 11 من
أبواب السلف. 2 - هي الروايات المشعرة باعتبار اللفظ في انشاء العقود، وسنتعرض لها قريبا في
الحاشية. 3 - المروي عن خالد بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يجيئني فيقول
اشتر هذا الثوب وأربحك كذا وكذا، فقال: أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك، قلت: بلي، قال: لا
بأس به إنما يحلل الكلام ويحرم الكلام - وفي نسخة الكافي المطبوعة قد ذكر ابن نجيح بدل
ابن الحجاج - وعلى كلا التقديرين فالرواية مجهولة، لأنهما مجهولان (الكافي 5: 200).