ولم يكونوا يتحملون مشقة السفر إلى الفرسخين مع القدرة على أقل الواجب، وقد عرفت أن السيرة المستمرة قد استقرت على تصدي الخلفاء والأمراء لإقامتها وعلى سعي سائر الناس إلى ما انعقدت بتصديهم من دون أن يظهر من الأئمة (عليه السلام) إنكار وردع بالنسبة إلى ذلك.
فهذه السيرة المستمرة بالتفصيل الذي ذكرناه من أقوى الشواهد على كون إقامتها من مناصب الإمام (عليه السلام) أو من نصبه، وقد مر تقرير ذلك ببيان آخر في أوائل المسألة، فراجع.
إجماع الإمامية بل المسلمين، كما ادعاهما الشيخ في الخلاف وقد اطلعت آنفا على ذلك وعلى جل أقوال القدماء من أصحابنا وقد أفتوا بالاشتراط في كثير من كتبهم المعدة لنقل أصول المسائل المتلقاة عنهم (عليهم السلام)، وعرفت أيضا أن خلاف الشافعي ومالك وأحمد لا يضر بالإجماع للعلم ببطلان مستندهم، فراجع. (1)
1 - وفي المعتبر (ج 2 ص 279): " السلطان العادل أو من نصبه شرط وجوب الجمعة وهو
قول علمائنا. "
وفي المنتهى (ج 1 ص 317): " يشترط في الجمعة الإمام العادل أي المعصوم عندنا أو إذنه،
أما اشتراط الإمام أو إذنه فهو مذهب علمائنا أجمع والحسن والأوزاعي وحبيب بن أبي
ثابت وأبي حنيفة ". وفي التذكرة (ج 1 ص 144 = ط. أخرى 4 / 19، المسألة 381): " يشترط في وجوب
الجمعة السلطان أو نائبه عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ". وقال في مصباح الفقيه (كتاب الصلاة ص 437): " بل يكفي في الجزم بعدم الوجوب في
مثل المقام وجود خلاف يعتد به فيه، لقضاء العادة بأنه لو كانت الجمعة بعينها واجبة على
كل مسلم لصارت من الصدر الأول من زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كغيرها من الفرائض اليومية من
ضروريات الدين ". ح ع - م.