فصول الغروية في الأصول الفقهية

محمد حسین عبدالرحیم حائري

نسخه متنی -صفحه : 448/ 216
نمايش فراداده

باعتبار موافقته للاستصحاب ومخالفة الاخر له وليس المراد أن صدوره من الحاكم أسهل فإن الضرورة حاكمة بتساويهما بالنسبة إليه من غير اختصاص له به تعالى وأما في الثاني فلانه إن أريد بالمؤثر الجديد المؤثر الحادث بعد الأول منعنا حاجة الممكن في البقاء إليه وإن أريد بقاء المؤثر السابق منعنا توقف الدليل على عدم الحاجة إليه بل ربما يتقوى على تقدير ثبوتها لتأكد استصحاب بقاء الأثر باستصحاب بقاء المؤثر ومما حققنا يتبين فساد ما يقال في إثبات الملازمة من أن النسخ نوع من التخصيص لأنه رفع لعموم الحكم الثابت بحسب الأزمان فقضية جواز التخصيص بخبر الواحد جواز النسخ به أيضا وذلك لان التخصيص المبحوث عنه هنا ليس مطلق التخصيص بل ما عدا النسخ والمناقشة لفظية مع أنا نمنع كون النسخ نوعا من التخصيص بل هو رفع للحكم الثابت على تقدير عدمه بخلاف التخصيص وسيأتي بيانه في مبحث النسخ الثالث قوله تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ولا ريب أن الكتاب أحسن من الخبر فينبغي اتباعه والجواب أما أولا فبالنقض بما إذا كان الخبر متواترا أو مقرونا بقرائن العلم فإن الخصم لا يلتزم بعدم تخصيص العام الكتابي به وأما ثانيا فبالحل وهو أن الخاص أقوى دلالة من العام فهو من هذه الجهة أحسن من العام وإن كان العام باعتبار آخر أحسن منه ولك أن تمنع عموم الآية للمقام لعدم مساعدة السياق عليه وقد يستدل على المنع بالاخبار التي دلت على طرح الاخبار التي تخالف كتاب الله فإنها بعمومها أو إطلاقها تتناول المقام أيضا والجواب أن عموم تلك الأخبار للمقام معارضة بعموم ما دل على حجية أخبار الآحاد من الاخبار وقاعدة الجمع وإن قضت بتحكيم الأول فيه إلا أن الثاني لمعاضدته بالعمل كان بالترجيح أجدر على ما عرفت مضافا إلى منع شمول إطلاق المخالفة في تلك الأخبار لمثل ذلك فإن المتبادر منها المخالفة التامة بحيث لا يتيسر الجمع ولهذا لا تعرض في أخبار العلاج عند تعارض الاخبار لوجوه الجمع على أن المخالفة المذكورة لو تناولت مثل مخالفة الخاص للعام لتناولت مثل مخالفة المقيد للمطلق لتقاربهما في الدلالة وعلى تقديره يلزم طرح عموم تلك الأخبار للمقام لأنه مخالف لاطلاق آية التبين والنفر بناء على دلالتهما على حجية خبر الواحد وما يستلزم صحته فساده فهو فاسد بالضرورة وأما آية وما آتاكم الرسول فخذوه فلا مخالفة بينها وبين تلك الأخبار كما زعمه بعض المعاصرين حيث ذكرها معهما فإن هذه الآية إنما تدل على وجوب العمل بقول الرسول لا بقول من يخبر عن قوله إذا لم يوجب العلم به وهذا ظاهر وأما ما يقال من أن جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد يستلزم تخصيص تلك الآيات بهذه الاخبار فيلزم عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد فمردود بأن تلك الأخبار قاصرة عن تخصيص الكتاب إذ غاية الامر أن يتعارضا من وجه وهو لا يوجب التخصيص وكون دلالة تلك الأخبار على المنع بالعموم والوضع ودلالة تلك الآيات بمجرد الاطلاق لا يقتضي الترجيح مع معارضتها لمرجحات أخر تقتضي تأكد تلك الاطلاقات وترجيحها كما مر احتج المفصلون على صورة المنع بما مر من أن الخاص ظني فلا تصلح لمعارضة العام القطعي وعلى صورة الجواز بأن العام فيها ظني لصيرورته مجازا أما عند الفرقة الأولى فبمطلق التخصيص وأما عند الفرقة الثانية فبالتخصيص بالمنفصل فيصلح الدليل الظني لمعارضته والجواب أنه إن أريد أن العام قطعي بمتنه فلا يعارضه الدليل الظني فهذا لا يختلف بكونه حقيقة أو مجازا قطعا فعلى تقدير ترجيحه يلزم أن لا يعارضه الظني مطلقا وهم لا يقولون به وإن أريد أن دلالته على تقدير بقائه على الحقيقة قطعية أيضا فإن أريد أنها قطعية بحسب الواقع ففساده واضح مع أنه لو كان قطعيا كذلك لم يحتمل معارضا مطلقا وإن أريد أنها قطعية بحسب الظاهر فالعام المخصوص أيضا كذلك ومثله خبر الواحد لقيام الأدلة الدالة على حجيته فلا يكون من معارضته القطعي بالظني بل بقطعي آخر ويرد على الفرقة الثانية مضافا إلى ذلك أن تخصيصهم لجواز التخصيص بصورة تخصصه بدليل منفصل ولو ظني يقتضي تسليم القول بجواز تخصيصه بخبر الواحد مطلقا لأنه من قبيل المخصص المنفصل الظني إلا أن يقال أرادوا به ما عدا الخبر الواحد لكن يبقى عليهم حينئذ إثبات الفارق احتج المتوقف بتعارض الأدلة وعدم المرجح وجوابه ما عرفت من وجوه ترجيح الخبر بقي الكلام في تخصيص الخبر المتواتر والمحفوف بخبر الواحد والظاهر أن الكلام فيه كالكلام في تخصيص الكتاب به وإن لم أقف على من ينبه عليه لجريان أكثر الوجوه المذكورة فيه تنبيه ذكر بعض أفاضل متأخري المتأخرين أن استصحاب الحكم المخالف للأصل دليل شرعي مخصص للعمومات ولا ينافيه عموم أدلة حجيته من الأخبار الدالة على عدم جواز نقض اليقين بغيره إذ ليس العبرة في العموم والخصوص بدليل الدليل وإلا لم يتحقق لنا في الأدلة دليل خاص لانتهاء حجية كل دليل إلى أدلة عامة بل بنفس الدليل ولا ريب أن الاستصحاب الجاري في كل مورد خاص به لا يتعداه إلى غيره فيقدم على العام كما يقدم غيره من الأدلة عليه ولذا يرى أن الفقهاء يستدلون في إثبات الشغل والنجاسة والتحريم بالاستصحاب في مقابلة ما دل على البراءة الأصلية وطهارة الأشياء و حليتها ومن ذلك استنادهم إلى استصحاب النجاسة والتحريم في صورة الشك في ذهاب ثلثي العصير وفي كون التحديد به تحقيقيا لا تقريبيا وفي صورة صيرورته قبل ذهاب الثلثين دبسا إلى غير ذلك هذا محصل كلامه أقول ولا يخفى ما فيه بل التحقيق أن هنا مقامين الأول تخصيص العام ورفع شموله لبعض ما يتناوله بالاستصحاب والثاني إبقاء حكم التخصيص بعد قيام دليله في بعض ما يتناوله العام بالاستصحاب أما المقام الأول فلا ريب في عدم حجية الاستصحاب فيه سواء كان موافقا للأصل أو مخالفا له لان أدلة حجيته مقصورة على صورة عدم دلالة دليل على الخلاف وإن كان في أدنى درجة من الحجية