فصول الغروية في الأصول الفقهية

محمد حسین عبدالرحیم حائري

نسخه متنی -صفحه : 448/ 244
نمايش فراداده

مراعاة ما يقتضيه الهيئات اللاحقة لها على حسب ما قرر في العلوم العربية وبما فسر به في الأخبار المعتبرة وإن كان على خلاف الظاهر ويسقط الاحتجاج حينئذ بظاهره ما لم يتبين كونه تفسيرا للباطن فلا ينافي حجية الظاهر ومع الشك فالظاهر هو الأول وقد جاء في بعض الاخبار تفسير بعض المطلقات ببعض الافراد كتفسير الزور واللغو بالغناء فيمكن أن يكون من بيان الفرد الكامل أو الأكمل أو من باب حصر المراد فيه والثاني أوفق بظاهر التفسير وإن كان الأول أنسب بإطلاق اللفظ فإن قام قرينة على ترجيح أحدهما وإلا فالظاهر هو الأول ومثله تفسير أهل الذكر بالأئمة عليهم السلام ولا عبرة بمقالة المفسرين من العامة فيما لا يرجع إلى اللغة ولا بمقالة الخاصة ما لم يبلغ حد الاجماع أو الشهرة المعتبرة بناء على ما قررنا من حجية الظن في الأدلة القول في الاجماع

مقدمة الاجماع في اللغة يأتي لمعنيين

العزم ومنه لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل وبه فسر قوله تعالى فأجمعوا أمركم والاتفاق ومنه قولك أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا وأما في الاصطلاح فقد نقل من معناه الأخير إلى اتفاق مخصوص واختلفوا في تعريفه فعرفه مخالفونا بحدود فعن النظام أنه قول قامت حجته ورام بذلك الجمع بين إنكار كونه حجة وبين تحريم مخالفته وهذا منقوض بقول غير هذه الأمة عن حجة وبقولهم في غير المسائل الشرعية نفسها أو فيها عن تقليد لقيام حجة التقليد أو لقيام حجته عند مجتهده وبقول آحاد الفقهاء عن حجة وبقول النبي صلى الله عليه وآله إن جعلنا المعجزة القائمة على صدق قوله حجة أو قام على قوله حجة فإن شيئا من ذلك لا يسمى إجماعا وعرفه الغزالي بأنه اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وآله على أمر من الأمور الدينية واحترز بإضافة الأمة إليه صلى الله عليه وآله عن اتفاق سائر الأمم وبقوله على أمر من الأمور الدينية عن اتفاقهم على ما عداها من الأمور اللغوية والعادية ونحوها فإن ذلك لا يسمى إجماعا ويرد عليه أن الظاهر من أمته صلى الله عليه وآله كل من تابعه لأنها في معنى الجمع المضاف فيتناول العوام أيضا وليس قولهم معتبر في الاجماع عند محققيهم إلا أن ينزل الحد على القول الأخير بل يتناول من لم يوجد بعد من الأمة واعتبار موافقتهم يؤدي إلى امتناع تحققه اللهم إلا في العصر المتأخر أو حيث يقطع بموافقتهم أيضا بناء على حمل الموافقة على ما يتناول مثل هذه الموافقة الشأنية أيضا وحصوله في غير الضروريات بعيد بل يتناول من تدين بشرعه صلى الله عليه و آله من الجن أيضا واعتبار قولهم في الاجماع يوجب عدم إمكان الاطلاع عليه عادة ويمكن التفصي عن هذا بأن الظاهر من الأمة من تابعه من الانس خاصة كما هو الظاهر من الرواية التي تمسكوا بها على حجية الاجماع هذا وأيضا ينتقض طرده باتفاقهم على فعل عبادة من حيث كونه اتفاقا على فعلها لأنها أيضا أمر من الأمور الدينية و لا يسمى إجماعا وإن كان اتفاقهم على كونها عبادة إجماعا ويمكن دفع الأول بحمل الأمة على علمائها مجازا بالنقل أو بالحذف وفيه تعسف والثاني بتخصيصهم بالموجودين في عصر واحد وقد ارتكبوا الوجهين في لفظ الرواية فيكون التعريف ناظرا إليه والثالث بأن قيد الحيثية معتبرة في الأمة أو في القيد الأخير والمراد اتفاقهم من حيث كونهم أمة أو على أمر ديني من حيث كونه أمرا دينيا ولا يخفى أن التعويل في الحد على مثل هذا الاشعار ليس على ما ينبغي وعرفه الفخر الرازي بأنه اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وآله على أمر من الأمور والمراد بأهل الحل والعقد على ما نبه عليه غير واحد منهم المجتهدون واحترز به عن اتفاق العوام فإنه لا يعتبر في الاجماع لا منفردا ولا منضما وقوله على أمر من الأمور قيد توضيحي لان الاتفاق لا يعقل إلا عليه وكان الغرض منه التنبيه على أنه لا يختص بأمر معين ويرد عليه مضافا إلى ما مر في الاشكال الثاني على الغزالي أن أمرا من الأمور يعم الشرعيات وغيرها بل يتناول غير الاحكام أيضا كالأكل والشرب ولا يسمى اتفاقهم عليه إجماعا ويمكن دفعه باعتبار قيد الحيثية في القيد الأول فيكون المراد اتفاق أهل الحل و العقد من حيث كونهم أهل الحل والعقد ولا ريب في أن اتفاقهم على غير الأحكام الشرعية ليس بهذا الاعتبار وعرفه الحاجبي بأنه اجتماع المجتهدين من هذه الأمة في عصر على أمر ونبه بقوله في عصر على أن اجتماع السلف والخلف غير معتبر في كون الاتفاق إجماعا والكلام في سائر القيود واضح مما مر ويشكل عليه بأن المفهوم من الامر في الحد ليس إلا معنى الشأن دون ما يقابل النهي لوضوح عدم استقامة العكس على تقديره فيرد على طرده ما مر في الاشكال المتأخر ويمكن التفصي عنه بما مر لكنه قد التزم بدخول اتفاقهم على أمر دنيوي في الاجماع واعترض على الغزالي في أخذه قيد الدين ويرد بأن الامر الدنيوي إن تعلق به عمل أو اعتقاد فهو ديني وإلا فلا يتصور حجية فيه وأما أصحابنا رحمه الله فقد أوردوا له أيضا حدودا فعرفه العلامة بما ذكره الفخر الرازي وقد سبق و يشكل مضافا إلى ما مر بأنهم عرفوا أهل الحل والعقد بالمجتهدين فلا تناول المعصوم على مذهب الإمامية مع أن حجيته عنده من جهة دخوله فيهم اللهم إلا أن يريد به مطلق أحكام الشرع ولم أجد من يفسره بهذا المعنى لكنه أوفق بمعناه الأصلي وأيضا يصدق الحد المذكور على الاتفاق الذي يعرف فيه قول المعصوم بشخصه مع أنه لا يسمى عندنا إجماعا وأيضا إن أراد بأهل الحل والعقد الجميع كما هو الظاهر لم ينعكس لخروج ما لو اتفق ما دون الجمع وعلم بدخول المعصوم فيهم فإن ذلك عندنا إجماع على ما صرح هو به وغيره وإن أراد ما يتناول البعض لم يطرد لصدقه على اتفاق كل بعض وإن لم يعلم بدخول المعصوم فيهم بل وإن علم بخروجه منهم وعرفه بعضهم بأنه اجتماع رؤساء الدين من هذه الأمة في عصر على أمر و هذا الحد هو حد الحاجبي وإنما تصرف فيه بتبديل المجتهدين برؤساء الدين ليتناول المعصوم لاعتبار دخوله فيهم عنده وعدم صدق عنوان المجتهد عليه ويرد عليه ما أوردناه على الحاجبي مضافا إلى الاشكالين الأخيرين اللذين أوردناهما على حد العلامة وعرفه في المعالم بأنه اتفاق من يعتبر قوله من الأمة في الفتاوى الشرعية على أمر من الأمور الدينية والوجه في قيوده ظاهر مما مر ويشكل عليه بأن المراد بالموصولة إما الجنس أو العموم فإن كان الأول فهو مع كونه مجازا أو خروجا عن الظاهر من غير قرينة يوجب نقض طرد الحد باتفاق كل جماعة وإن لم يعلم دخول المعصوم فيهم أو علم بعدم دخوله فيهم وأيضا