فصول الغروية في الأصول الفقهية

محمد حسین عبدالرحیم حائري

نسخه متنی -صفحه : 448/ 261
نمايش فراداده

الاعتداد به قليلة كما سننبه عليه فربما تسامحوا لذلك في التنبه عليه والإشارة إليه وكذا لا يقدح رد القائلين بحجيته له في أكثر الموارد لان ذلك ليس لعدم حجيته عندهم في نفسه بل لعدم استجماعه لشرائط القبول كما سننبه عليه ومما يؤكد الظن بحجيته أنه في معنى الرواية فيكون بحكمها في الحجية ولا يقدح كونها مستندة إلى الحدس ووقوع الخطأ والاشتباه في الحدسيات غالبا دون الحسيات لان الكلام في النقل الذي تجرد عن أمارات الوهن ولا ريب أنه مع هذا القيد وإن قل حصوله لا يقصر عن بعض أنواع الرواية المعتبرة بل ربما يزيد عليها وإن كانت الرواية المعتبرة أقرب إلى الاعتماد والاعتداد غالبا من نقل مطلق الاجماع ومنشأ الوهم مقايسة أحد النوعين إلى الاخر والذهول عن حال الأصناف والافراد ومما يحقق ذلك عدم الفرق بين نوعي القطع في باب الشهادة فيعول على شهادة من يستند قطعه إلى الحدس كما يعول على شهادة من يستند قطعه إلى الحس والقول باشتراط المشاهدة في الشهادة غير واضح وليس في لفظ الشهادة شهادة عليه لغلبة إطلاقها على المجردة منها كما في الشهادتين وغيرهما وكذا الحال في إخبار الوكيل وإخبار ذي اليد فإنه يجوز التعويل على إخبارهم وإن علم استناد علمهم إلى الحدس وكذلك إخبار العدل عن فتوى المفتي فإن علمه بها كما قد يستند إلى الحس كذلك قد يستند إلى الحدس بملاحظة قول أتباعه أو عملهم أو لوقوفه على طريقته في الفقه أو ما أشبه ذلك وهذا في الحقيقة في حق المقلد كنقل الاجماع في حق المجتهد مع أن الاستناد في الرواية كما يكون إلى الحس كذلك قد يكون الحدس كما في المكاتبة والوجادة فبطل دعوى اختصاصها بالنوع الأول ومن هنا يتضح وجه حجيته بناء على انسداد باب العلم إلى تفاصيل بعض الأدلة فقط كخبر الواحد دون مجملات الأدلة فإن نقل الاجماع داخل في الخبر الذي نعلم حجيته بالأدلة المقررة في الجملة فإن المستفاد منها حجية نقل قول المعصوم و حكايته في الجملة ويبقى معرفة التفاصيل ولا طريق علميا إليها فيتعين التعويل على الظن الذي لا يعلم عدم جواز التعويل عليه بل و لا يظن به أيضا ولا ريب أن الشهرة لا سيما إذا اعتضدت بالامارات المذكورة مفيدة لذلك فيجب التعويل عليها وإن قلنا بأن قضية انسداد باب العلم مع بقاء التكليف جواز التعويل على الظن في الاحكام كما زعمه بعضهم فلا ريب أن نقل الاجماع على الوجه الذي نعتبره مما يفيد الظن بالحكم فيجب التعويل عليه و إن عولنا على الآيات فمنها آية الانذار والتحذير عن الكتمان ولا ريب في تناولهما للمقام فإن التفقه في الدين والاطلاع على الاحكام كما يكون بطريق الحس كذلك يكون بطريق الحدس وقضية وجوب البيان على الاطلاق وجوب القبول على الاطلاق إلا ما قام الدليل على خلافه مضافا إلى ما في ذيل الآية الأولى من الامر بالحذر وهو في معنى الامر بالقبول ومنها آية النبأ فهي وإن كانت عندنا غير مساعدة على قبول خبر العادل إلا أن جماعة ذهبوا إلى دلالتها على ذلك بالمفهوم وعلى تقديره يتناول المقام أيضا فإن ناقل الاجماع منبئ عن قول المعصوم عليه السلام فيجب قبوله واعترض بأن النبأ و ما يرادفه كالخبر إنما يطلق على نقل ما استند إدراكه إلى الحس كالسماع والمشاهدة وبهذا فارق الفتوى فإنها عبارة عن نقل ما استند إدراكه إلى الدليل والحجة وأما ما يقال من أن الخبر ما كان له نسبة تطابقه أو لا تطابقه أو قول يحتمل الصدق والكذب أو نحو ذلك فمبني على اصطلاح مستحدث لان المسائل المدونة في العلوم لا تعد أنباء وأخبارا وضعفه ظاهر لأنه إن أريد أن النبأ لا يطلق إلا على الأشياء التي من شأنها أن تدرك بالحس وإن أدركها المخبر بطريق الحدس وشبهه فهذا مما لا ينافي المقصود فإن المخبر عنه هنا قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره وهو أمر من شأنه أن يدرك بالحس وإن كان طريق الناقل إليه الحدس وإن أريد أنه لا يطلق النبأ إلا على ما كان علم المخبر به بطريق الحس فواضح الفساد للقطع بأن من أخبر عن إلهام أو وحي أو مزاولة بعض العلوم كعلم النجوم يعد منبئا ومخبرا قال الله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ولا ريب أن إخباره عليه السلام لم يكن عن حس ومثله قوله تعالى في غير موضع فينبئكم بما كنتم تعملون فإن علمه تعالى ليس عن حس وقوله تعالى نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم فإن كونه تعالى هو الغفور الرحيم ليس أمرا حسيا وقوله تعالى نبئوني بعلم إن كنتم صادقين بعد قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فإن التحريم ليس أمرا حسيا إلى غير ذلك وكذا الكلام فيما دل على حجية خبر الواحد من الاخبار لما عرفت من شمول الخبر ومرادفاته لنقل الاجماع وإن كان المستند وجوب التمسك بالعترة عليه عليهم السلام الصادق على التمسك بالاخبار المأثورة عنهم عند تعذر الوصول إليهم فهذا مما يتساوى فيه الخبر المستند إلى الحس و المستند إلى الحدس ودعوى صدق التمسك على النوع الأول دون الثاني مجازفة وقد يستدل على حجيته نقل الاجماع بأن الاجماع من الحجج الشرعية الثابتة في نفس الامر والواقع كالسنة المأثورة فحيث يتعذر تحصيله بطريق العلم يتعين تحصيله بطريق الظن كما في السنة لان ذلك قضية انسداد باب العلم ونقل الثقة العارف يفيده فيجب التعويل عليه وفيه نظر لان انسداد باب العلم على ما حققنا في محله إنما يوجب جواز التعويل على الظن في تعيين موضوع الأدلة لا في إثبات مصاديقها ما لم يرجع إلى الظن في الموضوع والظن بحصول الاجماع بنقل الثقة كالظن بقول الامام عند قول الراوي أظنه قال كذا و شبهه مما لا شاهد على حجيته حجة المانع أمور [وجوه] الأول الأصل وقد عرفت الجواب عنه حيث بينا ما يوجب الخروج عنه الثاني أن التعويل على نقل الاجماع تقليد لناقله في مؤدى نظره و اجتهاده فإن الاجتهاد قد يؤدي إلى القطع بالحكم فيصح أن يسنده القاطع إلى كل من يقطع بحقية علمه في ذلك من الامام وغيره ومنه ينفتح باب الاجماع فالتعويل على نقله راجع عند التحقيق إلى التعويل على فتوى الناقل وهذا مخالف لما تقرر عندهم من عدم جواز تقليد المجتهد مع التمكن من الاجتهاد وعدم جواز تقليد الأموات مع التمكن من مراجعة الاحياء والجواب أن التعويل