فصول الغروية في الأصول الفقهية

محمد حسین عبدالرحیم حائري

نسخه متنی -صفحه : 448/ 372
نمايش فراداده

الاحتمالين من حيث الوجود فلا منافاة بينهما بهذا الاعتبار أصلا ضرورة صحة اجتماعهما فيه والتعارض فرع التنافي وكذا إن اعتبر بينهما من حيث الاقتضاء الثابت لكل منهما مع قطع النظر عن الاخر كما هو المتداول في موارد إطلاقه إذ لا نسلم أن مقتضى أحد الاحتمالين يغاير مقتضى الاخر فضلا عن أن ينافيه بل يشتركان في اقتضاء عدم ثبوت الحكم معهما وإن اعتبر بين متعلقيهما فلا ريب في أنهما لا يتحققان فكيف يتصور بينهما التعارض الذي هو مشروط بتحقق المتعارضين ثم لا يذهب عليك أن هذا الدليل لو تم لكان أخص من المدعى لأنه إنما يقتضي حجية الاستصحاب حيث يتحقق المقتضي للبقاء ويشك في طرو الرافع لا مطلقا الثالث أن الثابت في الزمن السابق ممكن الثبوت في الزمن اللاحق وإلا لزم خروجه عن الامكان الذاتي إلى الامتناع وهو محال فإذا ثبت إمكانه ثبت بقاؤه ما لم يقتض مؤثر لعدمه لاستحالة خروج الممكن من أحد طرفيه إلى الاخر من غير مؤثر وحيث إن التقدير تقدير عدم العلم بالمؤثر كان بقاؤه راجحا على عدمه في نظر المجتهد والاخذ بالراجح واجب و فيه أيضا نظر أما أولا فلان التعليل المذكور في المقدمة الأولى إن حمل على ظاهره من أن ما يمكن وجوده في وقت فلا بد أن يكون وجوده ممكنا في سائر الأوقات فهو في محل المنع أ لا ترى أن أجزأ الزمان من الممكنات مع أنها مما لا يمكن وجودها سابقا على نفسها و لا لاحقا عنها لامتناع تقدم الشئ على نفسه أو تأخره عنها فقد خرجت عن الامتناع إلى الامكان ومنه إلى الامتناع وكذا الحال في الزمانيات إذا أخذت من حيث تقيدها بأزمنتها الخاصة فإن الطهارة الحاصلة في الأمس من حيث كونها حاصلة فيه ومقيدة به مما يمتنع حصوله في اليوم وإن أريد أن ما يحكم عليه بالامكان في مرتبة ذاته فهو ممكن في مرتبة ذاته دائما وإن امتنع بالقياس إلى بعض العوارض لأنه امتناع غيري فلا ينافي الامكان الذاتي أو أن ما يمكن في وقت مخصوص أو على كيفية مخصوصة فهو ممكن في ذلك الوقت أو على تلك الكيفية دائما بمعنى أنه لا يحكم عليه مأخوذا بتلك الخصوصية إلا بالامكان فهو متجه إلا أن التعليل حينئذ لا ينهض بإثبات الدعوى كما لا يخفى فالوجه أن يتمسك عليها بلزوم خلاف الفرض على تقدير بطلانها إذ الكلام في استصحاب ما يمكن بقاؤه في الوقت الثاني لا ما يمتنع فيه و لعل الذي حمل المستدل على التمسك بالتعليل المذكور ما رآه من توقف دليله على بيان إمكان بقاء وجود الممكن المستصحب عقلا ردا على من أحاله مطلقا أو في خصوص الاعراض وقال بتجدد الامتثال نظرا إلى أنه لا يجديه صدق البقاء عرفا لان الدليل عقلي فلا يمكن بناؤه على أمر عرفي وإن كان يجدي ذلك من تمسك على حجية الاستصحاب بالسمع وعلى هذا فلا بد له من التمسك بمستند آخر ينهض بإثبات مقصوده لقصور الدليل المذكور عن إفادته كما عرفت وأما ثانيا فلانه لا يلزم من كون الثابت في الزمن السابق ممكنا في الزمن اللاحق توقف عدمه فيه على اقتضاء مؤثر فيه بل يكفي عدم اقتضاء المؤثر في بقائه على ما هو التحقيق من عدم استغناء الباقي في بقائه عن المؤثر وأما ثالثا فلان أرجحية البقاء غير مطردة في موارد المقام إذ كثيرا ما تقوم أمارة غير معتبرة على الخلاف فيحصل الشك فيه أو الظن بالخلاف مع أن المقصود إثبات حجيته حيث لا دليل على الخلاف مطلقا إلا أن يقصر الحجية على صورة الظن بالبقاء أو يقصد هذا الدليل إثبات بعض المقصود ولا بأس به مع تعدد الأدلة ومساعدة الباقي على الباقي وأما رابعا فلانا لا نسلم وجوب الاخذ بالراجح مطلقا والاستناد فيه إلى انسداد باب العلم وانفتاح باب الظن معه مردود بما حققنا من أن قضية انسداد باب العلم انفتاح باب الظن في أدلة الاحكام لا في نفس الاحكام فلا بد حينئذ من إقامة دليل على رجحان الاخذ بهذا الراجح ولا يكفي الاستناد فيه إلى مجرد كونه راجحا الرابع الأخبار الدالة على وجوب الاخذ باليقين السابق عند عدم اليقين بالخلاف وهي كثيرة منها صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام قال قلت له الرجل ينام على وضوء إلى أن قال قلت فإن حرك إلى جنبه شئ وهو لا يعلم به قال لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجي من ذلك أمر بين وإلا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكنه ينقضه بيقين آخر ومنها الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال وإذا لم يدر في ثلاث هو أو أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شئ عليه ولا ينقض اليقين بالشك ولا يدخل الشك في اليقين ولا يخلط أحدهما بالآخر ولا ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين فيبني عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات ومنها صحيحة زرارة قال قلت فإن ظننت أنه أي القذر قد أصابه أي الثوب ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثم صليت فرأيته فيه قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا إلى أن قال قلت إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة قال تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شئ أوقع عليك فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك و منها موثقة عمار إذا شككت فابن علي اليقين قلت له هذا أصل قال نعم ومنها رواية محمد القاساني قال كتبت إليه وأنا بالمدينة عن اليوم الذي يشك فيه من رمضان هل يصام أم لا فكتب عليه السلام اليقين لا يدخل فيه الشك صم للرؤية وأفطر للرؤية ومنها ما رواه في الخصال عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من كان على يقين فشك فليمض على يقينه