فصول الغروية في الأصول الفقهية

محمد حسین عبدالرحیم حائري

نسخه متنی -صفحه : 448/ 384
نمايش فراداده

في المذكورات عقلا نظرا إلى تعدد فصولها المتقومة بها الموجبة لتعدد الحقيقة إلا أنها بحسب العرف تعدد الحقيقة واحدة ويعد الاختلاف الطاري عليها من باب الاختلاف في الصفات وإن اختلفت الأسامي عندهم بحسب اختلافها فإن الاسم قد يزول ولا يزول حقيقة المسمى وذلك حيث يكون التسمية بإزاء الحقيقة مع صفة من صفاتها شطرا أو شرطا فتزول التسمية بزوال الصفة بخلاف الحقيقة القول في القياس

مقدمة القياس في اللغة التقدير

يقال قست الأرض بالذراع أي قدرتها به وقد يطلق على الاخذ بطريق المساواة كقولهم لا يقاس فلان بفلان أي لا يؤخذ على وجه المساواة معه وهو راجع إلى المعنى الأول وقد يطلق في الاصطلاح على معنيين الأول القضايا المستلزمة لذاتها قضية أخرى وهذا المعنى متداول عند أهل الميزان الثاني إلحاق فرع بأصل في حكم لقيام علته به عند المجتهد وهذا هو المقصود به هنا والمراد بالأصل معلوم الحكم وبالفرع مجهوله فلا يتوجه الاشكال بلزوم الدور من حيث إن الأصلية والفرعية إنما تعرفان بالقياس فلو توقف معرفة القياس على معرفتهما كان دورا إذ بعد حملهما على المعنى المذكور لا يتوقف معرفتهما على معرفة القياس مع إمكان أن يقال هذا تعريف لفظي لمن عرف معناهما وجهل بمعنى القياس ثم المراد بهما ما يعم الموجود والمعدوم ولا يلزم وجود الصفة بدون الموصوف لان الأصلية والفرعية وصفان اعتباريان ينتزعان من موصوفهما بحسب ظرف الذهن والمعدوم الخارجي موجود فيه والمراد بالحكم المعنى القائم بغيره فيتناول ما إذا كان حكما شرعيا كقياس تحريم بيع الكلب على تحريم بيع الخنزير بجامع نجاسة المبيع أو صفة كقياس زيادة علم الغائب على ذاته بزيادته في حق الشاهد بجامع وجود العلم لهما وإنما قيدنا بكونه عند المجتهد ليدخل القياس الفاسد فإنه يسمى قياسا في الاصطلاح على ما صرح به البعض ثم القياس بهذا المعنى يخرج منه قياس العكس كما نبه بعضهم على خروجه وهو إثبات نقيض حكم معلوم في غيره لافتراقهما في علة الحكم كقولك لو لم يكن الصوم شرطا للاعتكاف في نفسه لم يكن شرطا له عند نذره صائما قياسا له على الصلاة فإنها حيث لم تكن شرطا له في نفسه لم تكن شرطا له حال نذره مصليا فالثابت في الأصل أعني الصلاة عدم الشرطية للاعتكاف والمثبت في الفرع أعني الصوم شرطيته له هذا فإن قيل القياس بالمعنى المذكور مشتمل على شرائط المادة والهيئة فلا يكون دليلا في مصطلح الأصوليين فكيف يعد من الأدلة مع أن إلحاق الفرع بالأصل معناه الحكم بثبوت حكم الأصل في الفرع وهذا يشبه المسائل الفقهية فكيف يجعل من أدلتها قلنا حجية القياس ليست ضرورية بل نظرية لتوقفها على مراعاة الأدلة المقررة فهو من حيث كونه حجة غير مشتمل على مجموع شرائط المادة والهيئة وإن اشتمل عليها من حيث إفادة الظن لكن يشكل ذلك في القياس المفيد للعلم كالقياس بالطريق الأولى فالأولى أن يقال لا يكفي القياس بنفسه في إفادة الحكم الشرعي بل لا بد من انضمام صغرى شخصية إليه كقولنا حكم كذا من مقتضى القياس و كل ما كان من مقتضاه فهو ثابت أو أن إلحاق كذا بكذا في حكم كذا بجامع كذا من قياس كذا وكل ما كان من قياس كذا فهو حجة بالضرورة أو بالنظر فتأمل نعم يتجه الاشكال بالقياس الفاسد فإنه خارج عن موضوع الفن بحسب الظاهر إذ لا يمكن التوصل منه بصحيح النظر فيه مع وقوع البحث عنه وقد سبق الاعتذار عن ذلك عند تحقيق موضوع الفن وإلحاق الفرع بالأصل إن كان بعنوان كلي كقولنا كل فرع فله حكم الأصل كان من الأدلة وإن كان بعنوان جزئي كقولنا حكم النبيذ حكم الخمر كان من مباحث الفقه ولا خفاء في أن المبحوث عنه هنا إنما هو الأول دون الثاني ثم أقول والأشبه أن القياس يطلق على معنيين الأول ما مر من الالحاق وهو بهذا التفسير معنى حدثي يشتق منه تصاريفه كقاس ويقيس وغير ذلك والثاني مشاركة الفرع لأصل في علة الحكم وهو بهذا المعنى لا يشتق منه فعل وعد القياس بهذا المعنى دليلا أقرب من عده بالمعنى الأول دليلا كما لا يخفى لكن لا يساعد عليه حدودهم ثم إنهم ذكروا أن للقياس أركانا أربعة الأصل والفرع والعلة وحكم الأصل وأما حكم الفرع فهو ثمرة القياس فلا يكون من الأركان والظاهر من أخذهم هذه الأمور أركانا للقياس كونها أجزأ له وقد صرح به العضدي و يشكل بعدم مساعدة ظاهر حدودهم على جزئية تلك الأمور بل مقتضاهما أن يكون القياس عبارة عن تعدية خاصة أو إلحاق خاص فيكون مقيدا لا مركبا ثم اختلفوا في تعيين الأصل والفرع هو الحكم في المقيس وقال بعضهم الأصل دليل الحكم في المقيس عليه واختار في الفرع أحد الأقوال المتقدمة وإنما لم يقل أنه دليل الحكم في المقيس لأنه نفس القياس فيلزم اتحاد الشئ مع جزئه أو قيده المباينين له و التحقيق أن لكل وجها لا حرج في عقد الاصطلاح عليه إلا أن المعروف هو الأول وربما يستشكل على بقية الأقوال بأنهم إن اعتبروا محل الحكمين لزم تخميس الأركان على القول الثاني والأخير وإلا لزم تثليثها على القول الثاني ويمكن التفصي بالتزام التفصيل في ذلك عليه ولا سترة عليه

فصل علية الحكم العلة إما تامة أو ناقصة

فإن كانت ناقصة فلا عبرة بها ما لم ينضم إليها ما يوجب تماميتها فيرجع إلى التامة وهي المتبادر من إطلاقها وأما إن كانت تامة فهي إما أن تكون معلومة ولو بطريق ظني آئل إلى العلم أولا وعلى التقديرين إما أن يكون وجودها في الفرع معلوما كما مر أولا فإن علم بعلية العلية وبوجودها في الفرع على الوجه المذكور ثبت الحكم في الفرع لامتناع تخلف المعلول عن علته ومن هذا الباب قياس الأولوية وتنقيح المناط ومنصوص العلة وإن ظن علية العلة بحدس و شبهه فهو