الفقه غير طريقة المتأخرين، كما يظهر من أول كتاب المبسوط (1) - فهي حجة، فإذا اشتهر حكم بين هؤلاء الأقدمين وتلقي بالقبول يكشف ذلك عن دليل معتبر.
وبالجملة: في مثل تلك الشهرة مناط الإجماع، بل الإجماع ليس إلا ذاك. فالشهرة المتأخرة كإجماعهم ليست بحجة، والشهرة المتقدمة فيها مناط الإجماع.
ويمكن أن يستدل على حجيتها بالتعليل الوارد في مقبولة عمر بن حنظلة، حيث قال: (ينظر إلى ما كان من روايتهم (2) عنا في ذلك الذي حكما به، المجمع عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمهما (3)، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه) (4) ضرورة أن الشهرة بين
(1) قد راجعنا الكتب التي كانت مؤلفة قبل ولادة الشيخ أو قبل زمان تأليف المبسوط كالمراسم
وكتب المفيد والسيد علم الهدى، فلم نجد ما أفاد الشيخ الطوسي، لوضوح عدم كونها
متون الأخبار، واختلاف ألفاظها معها، وبعضها مع بعض. نعم بعض كتب الصدوق
كذلك. والظاهر صحة كلامه بالنسبة إلى الطبقة السابقة عن طبقة أصحاب الكتب الفتوائية، فلا يبعد أن
يكون بناء تلك الطبقة على نقل الروايات المطابقة لفتواهم، أو نقل ألفاظها بعد الجمع والترجيح
والتقييد والتخصيص، كما لا يبعد أن يكون " فقه الرضا عليه السلام " كذلك، وقريب منه كتاب
" من لايحضر " [منه قدس سره]
(2) في المصدر: روايتهما. (3) في المصدر: حكمنا. (4) الفقيه 3: 6 / 2 باب 9 في الاتفاق على عدلين في الحكومة، الوسائل 18: 75 / 1 باب 9 من
أبواب صفات القاضي.