قوله - قدس سره -: أما الاحتياط (1).
ها هنا إشكالات، بعضها راجع إلى مطلق الاحتياط، وبعضها إلى الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي، وبعضها إلى الاحتياط فيما قامت الأمارة على خلافه، كما لو دلت الأمارة على وجوب الجمعة فأراد المكلف إتيان الظهر أيضا احتياطا:
أما الإشكال على مطلق الاحتياط: فهو أن الاحتياط ليس عبارة عن إتيان العمل مطلقا، بل لابد من إتيان العمل بانبعاث من قبل المولى، لعدم صدق الإطاعة بغيره، فإطاعة المولى إنما تتحقق مع كون الأمر داعيا إلى إتيان المأمور به، وصيرورة العبد متحركا بتحريكه، مع أن محركية الأمر المجهول غير معقولة، واحتمال الأمر وإن كان محركا لكن المحرك نفس الاحتمال، كان الأمر في الواقع أو لم يكن، ولو كان الأمر الواش دخيلا في تحريك العبد بنحو الاستقلال أو جزء الموضوع، فلا يعقل تحريكه وانبعاثه بدونه، مع أنه منبعث حتى مع عدم الأمر الواقعي.
وبالجملة: نسبة احتمال الأمر إلى الأمر الواقعي وعدمه على السواء، فكون الأمر الواقعي باعثا ومحركا مما لا يعقل مع استواء نسبته إليه وإلى عدمه، فإذا امتنعت محركية الأمر يصير الاحتياط ممتنعا، لتوقفه على باعثية الأمر.
(1) الكفاية 2: 255.