من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (حديث شريف)
بسم الله الرحمن الرحيم
وقد سئل النبي (ص): أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك. قيل: ثم أي؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك رواه الشيخان. قال (ص): لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وما فيها رواه أبو داود بإسناد صحيح، وتصح توبة القاتل عمدا لأن الكافر تصح توبته فهذا أولى. ولا يتحتم عذابه، بل هو في خطر المشيئة، ولا يخلد عذابه إن عذب وإن أصر على ترك التوبة كسائر ذوي الكبائر غير الكفر، وأما قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) فالمراد بالخلود المكث الطويل، فإن الدلائل متظاهرة على أن عصاة المسلمين لا يدوم عذابهم، أو مخصوص بالمستحل لقتله كما ذكره عكرمة وغيره.
وإذا اقتص منه الوارث أو عفا على مال أو مجانا فظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الدار الآخرة كما أفتى به المصنف، وذكر مثله في شرح مسلم، لكن ظاهر تعبير الشرح والروضة يدل على بقاء العقوبة، فإنهما قالا: ويتعلق بالقتل المحرم وراء العقوبة الأخروية مؤاخذات في الدنيا. وجمع بين الكلامين بأن كلام الروضة وأصلها مفروض فيمن مات مصرا على القتل، وكلام الفتاوى وشرح مسلم مفروض فيمن تاب ثم أقيم عليه الحد. ولو قال في الروضة وأصلها: ويتعلق بالقتل المحرم وراء استحقاق العقوبة الأخروية بدل قوله: وراء العقوبة لكان أولى، لأن العقوبة غير مجزوم بها لجواز العفو. ومذهب أهل السنة أن المقتول لا يموت إلا بأجله، والقتل لا يقطع الاجل خلافا للمعتزلة فإنهم قالوا القتل يقطعه.