فقال عبد الله: اسكت فإنما كنت ألعب، فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعد فراغه من الغزو فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال: دعني أضرب عنقه يا رسول الله فقال: إذا توعد أن خل عنه يدخل. فقال: أما إذا جاء أمر النبي (عليه السلام) فعمر يرحل ولم يلبث إلا أياما ولأنك حسبتني أشتكي ومات.
قالوا: فلما نزلت هذه الآية وبان كذب عبد الله بن أبي قيل له: يا أبا حباب إنه قد نزلت أي شداد، فاذهب إلى رسول الله يستغفر لك فلوى رأسه ثم قال: أمرتموني أن أؤمن فقد أمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد، فأنزل الله سبحانه (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله) إلى قوله (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض) فلا يعذر أحد أن يعطي هنا شيئا إلا بأذنه، ولا أن يمنعه شيئا إلا بمشيئته.
قال رجل لحاتم الأصم: من أين يأكل؟ فقرأ (ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون).
وقال الجنيد: خزائن السماء: الغيوب، وخزائن الأرض: القلوب وهو علام الغيوب ومقلب القلوب، وكان الشبلي يقول:
ولله خزائن السماوات والأرض فأين تذهبون؟.
(يقولون لئن رجعنآ إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولاكن المنافقين لا يعلمون * ياأيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولائك هم الخاسرون * وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدكم الموت فيقول رب لو لا أخرتني ألى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جآء أجلهآ والله خبير بما تعملون) 2
(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة) يعني من غزوة بني لحيان ثم بني المصطلق، وهم حي من هذيل (ليخرجن الأعز منها الأذل).
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فعزة الله سبحانه قهر من دونه، وعز رسوله إظهار دينه على الأديان كلها، وعز المؤمنين نصره إياهم على أعدائهم فهم ظاهرون.
وقيل: عزة الله: الولاية، قال الله تعالى (هنالك الولاية لله الحق) وعزة الرسول: الكفاية قال الله سبحانه: (إنا كفيناك المستهزئين) وعز المؤمنين: الرفعة والرعاية قال الله سبحانه: (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) وقال (وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما).
وقيل: عزة الله الربوبية، وعزة الرسول: النبوة. وعزة المؤمنين: العبودية.
وكان جعفر الصادق يقول: (من مثلي ورب العرش معبودي، من مثلي وأنت لي).