تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 136
نمايش فراداده

وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدقوك صدقناك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بهذا بعثت فقد بلغتكم ما أرسلت به فإن تقبلوه مني فه وحظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه أصبر لأمر الله قالوا فإن لم تفعل هذا فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك واسأله أن يجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه فقال ما بعثت بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا قالوا فأسقط السماء كما زعمت إن ربك لو شاء فعل فقال ذلك إلى الله إن شاء فعل ذلك بكم فعله وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام معه عبد الله بن أبي أمية وهو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا عليك فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا يعرفون بها منزلتك من الله تعالى فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل فوالله لا أؤمن لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ترقي فيها وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك بما تقول وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت أن لا أصدقك فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا لما رأى من مباعدتهم فأنزل الله تعالى (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض) يعني أرض مكة (ينبوعا) أي عيونا 91 (أو تكون لك جنة) بستان (من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا) تشقيقا 92 (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) قرأ نافع وابن عامر وعاصم بفتح السين أي قطعا وهي جمع كسفة وهي القطعة والجانب مثل كسرة وكسر وقرأ الآخرون بسكون السين على التوحيد وجمعه أكساف وكسوف أي تسقطها طبقا واحدا وقيل أراد جانبها علينا وقيل معناه أيضا القطع وهي جمع التكسير مثل سدرة وسدر في الشعراء وسبأ (كسفا) بالفتح حفص وفي الروم ساكنة أبو جعفر وابن عامر (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) قال ابن عباس كفيلا أي يكفلون بما تقول وقال الضحاك ضامنا وقال مجاهد هو جمع القبيلة أي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة وقال قتادة عيانا أي تراهم القابلة أي معاينة وقال الفراء هو من قول العرب لقيت فلانا قبيلا وقبيلا أي معاينة 93 (أو يكون لك بيت من زخرف) أي من ذهب وأصله الزينة (أو ترقى) تصعد (في السماء) هذا قول عبد الله بن أبي أمية (ولن نؤمن لرقيك) لصعودك (حتى تنزل علينا كتابا نقرأه) أمرنا فيه باتباعك (قل سبحان ربي) وقرأ ابن كثير وابن عامر (قال) يعني محمدا وقرأ الآخرون على الأمر أي قل يا محمد (هل كنت إلا بشرا رسولا) أمره بتنزيهه وتمجيده على معنى أنه لو أراد أن ينزل ما طلبوا لفعل ولكن الله لا ينزل الآيات على ما يقترحه البشر وما أنا إلا بشر وليس ما سألتم في طوق البشر واعلم أن الله تعالى قد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات ما يغني عن هذا كله مثل القرآن وانشقاق القمر وتفجير العيون من بين الأصابع وما أشبهها