تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 150
نمايش فراداده

لهم ما فعل الملك دقيانوس قالوا لا نعرف اليوم على وجه الأرض ملك يسمى دقيانوس ولم يكن إلا ملك هلك منذ زمان ودهر طويل وهلكت بعده قرون كثيرة فقال تمليخا إني إذا لحيران وما يصدقني أحد من الناس بما أقول لقد كنا فتية على دين واحد وهو الإسلام وإن الملك أكرهنا على عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس فنمنا فلما انتبهنا خرجت لأشتري لهم طعاما وأتجسس الأخبار فإذا انا كما ترون فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي فلما سمع أرسو ما يقول تمليخا قال يا قوم لعل هذه آية من آيات الله جعلها الله لكم على يدي هذا الفتى فانطلقوا معه يرنا أصحابه فانطلق معه أريوس وطنيوس وانطلق معهم أهل المدينة كبيرهم وصغيرهم نحو أصحاب الكهف لينظروا إليهم ولما رأى الفتية أصحاب الكهف تمليخا قد احتبس عنهم بطعامهم وشرابهم عن القدر الذي كان يأتي به ظنوا أنه قد أخذ فذهب بهم إلى ملكهم دقيانوس فبينما هم يظنون ذلك ويتخفونه إذ سمعوا الأصوات وجلب الخيول مصعدة نحوهم فظنوا أنهم رسل الجبار دقيانوس بعث إليهم ليؤتى لهم فقاموا إلى الصلاة وسلم بعضهم على بعض وأوصى بعضهم بعضا قالوا انطلقوا بنا نأت أخانا تمليخا فغنه الآن بين يدي الجبار ينتظر متى نأتيه فبينما هم يقولون ذلك وهم جلوس بين ظهراني الكهف لم يروا إلا أريوس وأصحابه وقوفا على باب الكهف وسبقهم تمليخا فدخل عليهم وهو يبكي فلما رأوه يبكي بكوا معه ثم سألوه عن شأنه فأخبرهم وقص عليهم القصة والنبأ كله فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نياما بأمر الله ذلك الزمان كله بأمر الله وإنما أوقظوا ليكونوا آية للناس وتصديقا للبعث وليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها ثم دخل على أثر تمليخا أريوس فرأى تابوتا من نحاس مختوما بخاتم من فضة فقام بباب الكهف ثم دعا رجالا من عظماء أهل المدينة ففتح التابوت عندهم فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوبا فيهما أن مكسلمينا ومخشلمينا وتمليخا ومرطونس وكشطونس ويبرونس وديموس وبطيوس والكلب اسمه قطمير كانوا فتية هربوا من ملكهم دقيانوس الجبار مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف فسد عليهم بالحجارة وأنا كتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر عليهم فلما قرأوه وعجبوا وحمدوا الله الذي أراهم آية البعث فيهم ثم رفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه ثم دخلوا على الفتية إلى الكهف فوجدوهم جلوسا بين ظهرانيهم مشرقة وجوههم لم تبل ثيابهم فخر أريوس وأصحابه سجودا وحمدوا الله الذي أراهم آية من آياته ثم كلم بعضهم بعضا وأنبأهم الفتية عن الذي لقوا من ملكهم دقيانوس ثم أنا أريوس وأصحابه بعثوا بريدا إلى ملكهم الصالح بيدروس أن عجل لعلك تنظر إلى آية من آيات الله جعلها الله في ملكك وجعلها آية للعالمين لتكون لهم نورا وضياء وتصديقا للبعث فاعجل إلى فتية بعثهم الله عز وجل وقد كان توفاهم منذ أكثر من ثلاثمائة سنة فلما أتى الملك الخبر رجع إليه عقله وذهب عنه غمه فقال أحمدك الله رب السماوات والأرض وأعبدك وأسبح لك تطولت علي ورحمتني فلم تطفئ النور الذي كنت جعلته لآبائي للعبد الصالح بيدروس الملك فلما نبأ به أهل المدينة ركبوا إليه وساروا معه حتى أتوا مدينة اكسوس فتلقاهم أهل المدينة وساروا معه حتى صعدوا نحو الكهف فلما رأى الفتية بيدروس فرحوا به