تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 151
نمايش فراداده

سورة الكهف من الآية 11 وحتى الآية 14

وخروا سجدا على وجوههم وقام بيدروس قدامهم ثم اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الأرض يسبحون الله ويحمدونه ثم قال الفتية لبيدروس نستودعك الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته حفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شر الإنس والجن فبينما الملك قائم إذ رجعوا إلى مضاجعهم فناموا وتوفى الله أنفسهم وقام الملك إليهم فجعل ثيابهم عليهم وأمر أن يجعل كل رجل منهم في تابوت من ذهب فلما أمسى ونام أتوه في المنام فقالوا له إننا لم نخلق من ذهب ولا من فضة ولكنا خلقنا من تراب وإلى التراب نصير فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب حتى بعثنا الله منه فأمر الملك حينئذ بتابوت من ساج فجعلوا فيه وحجبهم الله حين خرجوا من عندهم بالرعب فلم يقدر أحد على أن يدخل عليهم فأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجدا يصلي فيه وجعل لهم عيدا عظيما وأمر أن يؤتى كل سنة وقيل إن تمليخا لما حمل إلى الملك الصالح قال له الملك من أنت قال أن رجل من أهل هذه المدينة وذكر أنه خرج أمس أو منذ أيام وذكر منزله وأقواما لم يعرفهم أحد وكان الملك قد سمع أن فتية فقدوا في الزمن الأول وأن أسماءهم مكتوبة على اللوح بالخزانة فدعا باللوح وقد نظر في أسمائهم فإذا هو من أولئك القوم وذكر أسماء الآخرين فقال تمليخا هم أصحابي فلما سمع الملك ذلك ركب ومن معه من القوم فلما أتوا باب الكهف قال تمليخا دعوني حتى أدخل على أصحابي فأبشرهم فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم فدخل فبشرهم فقبض الله أرواحهم وأعمى عليهم أثرهم فلم يهتدوا إليهم مرة ثانية وذلك قوله عز وجل (إذ أوى الفتية إلى الكهف) أي صاروا إلى الكهف يقال أوى فلان إلى موضع كذا أي اتخذه منزلا إلى الكهف وهو غار في جبل مخلوس واسم الكهف خيرم (فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة) ومعنى الرحمة الهداية في الدين وقيل الرزق (وهيء لنا) يسر لنا (من أمرنا رشدا) أي ما نلتمس من خير رضاك وما فيه رشدنا وقال ابن عباس رشدا أي مخرجا من الغار في سلامة 11 (فضربنا على آذانهم) أي أنمناهم وألقينا عليهم النوم وقيل معناه منعنا نفوذ الأصوات إلى مسامعهم فإن النائم إذا سمع الصوت ينتبه (في الكهف سنين عددا) أي أنمناهم سنين معدودة وذكر العدد على سبيل التأكيد وقيل ذكره يدل على الكثرة فإن القليل لا يعد في العادة 12 (ثم بعثناهم) يعني من نومهم (لنعلم) علم المشاهدة (أي الحزبين) أي الطائفتين (أحصى لما لبثوا أمدا) وذلك أن أهل القرية تنازعوا في مدة لبثهم في الكهف واختلفوا في