تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 256
نمايش فراداده

سماوات فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم حجب من الثلاث الباقية فسمع إبليس تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب وذلك حين ذكره الله وأثنى عليه فأدركه البغي والحسد فصعد سريعا حتى وقف من السماء موقفا كان يقفه فقال إلهي نظرت في أمر عبدك أيوب فوجدته عبدا أنعمت عليه فشكرك وعافيته فحمدك ولو ابتليته بنزع ما أعطيته لحال عما هو عليه من شكرك وعبادتك ولخرج من طاعتك قال الله عز وجل انطلق فقد سلطتك على ماله فانقض عدو الله إبليس حتى وقع إلى الأرض ثم جمع عفاريت الجن ومردة الشياطين وقال لهم ماذا عندكم من القوة فإني قد سلطت على مال أيوب وهي المصيبة الفادحة والفتنة التي لا يصبر عليها الرجال فقال عفريت من الشياطين أعطيت من القوة ما إذا شئت تحول إعصارا من نار وأحرقت كل شيء آتي عليه فقال له إبليس فأت الإبل ورعاتها فأتى الإبل حين وضعت رؤوسها وثبتت في مراعيها فلم يشعر الناس حتى ثار من تحت الأرض إعصار من نار لا يدنو منها أحد إلا احترق فأحرقتها ورعاتها حتى أتى على آخرها ثم جاء عدو الله إبليس في صورة قبيحة على قعود إلى أيوب فوجده قائما يصلي فقال يا أيوب أقبلت نار حتى غشيت إبلك فأحرقتها ومن فيها غيري فقال أيوب الحمد لله هو الذي أعطاها وهو أخذها وقديما ما وطنت نفسي ومالي على الفناء فقال إبليس فإن ربك أرسل عليهم نارا من السماء فاحترقت فتركت الناس مبهوتين يتعجبون منها منهم من يقول ما كان أيوب يعبد شيئا وما كان إلا في غرور ومنهم من يقول لو كان إله أيوب يقدر على أن يصنع شيئا لمنع وليه ومنهم من يقول بل هو الذي فعل ذلك ليشمت به عدوه ويفجع به صديقه فقال أيوب الحمد لله حين أعطاني وحين نزع مني عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود في التراب وعريانا أحشر إلى الله ليس لك أن تفرح حين أعارك ولا أن تجزع حين قبض عاريته منك الله أولى بك وبما أعطاك ولو علم الله فيك أيها العبد خير النفل روحك مع تلك الأرواح وصرت شهيدا ولكنه علم منك شرا فأخرك فرجع إبليس إلى أصحابه خائبا خاسرا ذليلا فقال لهم ماذا عندكم من القوة فإني لم أكلم قلبه قال عفريت عندي من القوة ما شئت صحت صيحة لا يسمعها ذو روح إلا خرجت مهجة نفسه فقال إبليس فأت الغنم ورعاتها فانطلق حتى توسطها ثم صاح صيحة فتجثمت أمواتا عن آخرها ومات رعاؤها ثم جاء إبليس متمثلا بقهرمان الرعاة إلى أيوب وهو يصلي فقال له مثل القول الأول فرد عليه مثل الرد الأول ثم رجع إبليس إلى أصحابه فقال ماذا عندكم من القوة فإني لم أكلم قلب أيوب فقال عفريت عندي من القوة ما إذا شئت تحولت