تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 261
نمايش فراداده

سورة الأنبياء حتى نهاية الآية 84

فتأكله السباع لأرجعن إليه فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحالة التي كانت وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عنه فدعاها أيوب فقال ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة ولا أدري أضاع أم ما فعل فقال أيوب ما كان منك فبكت وقالت بعلي قال فهل تعرفينه إذا رأيتيه فقالت وهل يخفى على أحد رآه ثم جعلت تنظر إليه وهي تهابه ثم قالت أما أنه أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا قال فإني أنا أيوب الذي أمرتيني أن أذبح لإبليس وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله فرد علي ما ترين وقال وهب لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين فلما غلب أيوب إبليس ولم يستطع منه شيئا اعترض امرأته في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجسم والجمال على مركب ليس من مراكب الناس له عظم وبهاء وكمال فقال لها أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى قالت نعم قال فهل تعرفيني قالت لا قال أنا إله الأرض وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت لأنه عبد الله إله السماء وتركني فأغضبني ولو سجد لي سجدة واحدة رددت عليه وعليك كل ما كان لكما من مال وولد فإنه عندي ثم أراها إياهم ببطن الوادي الذي لقيا فيه قال وهب وقد سمعت أنه إنما قال لها لو أن صاحبك أكل طعاما ولم يسم الله عليه لعوفي ما به من البلاء والله أعلم وفي بعض الكتب إن إبليس قال لها اسجدي لي سجدة حتى أرد عليك المال والأولاد وأعافي زوجك فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها وما أراها قال لقد أتاك عدو الله إبليس ليفتنك عن دينك ثم أقسم لو أن الله عافاه ليضربنها مائة جلدة وقال عند ذلك مسني الضر من طمع إبليس في سجود حرمتي له ودعائه إياي وإياي إلى الكفر ثم إن الله عز وجل رحم رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عليها وأراد أن يبر بيمين أيوب فأمره أن يأخذ ضغثا يشتمل على مائة عود صغار فيضربها به ضربة واحدة كما قال تعالى (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) وروي أن إبليس اتخذ تابوتا وجعل فيه أدوية وقعد على طريق امرأته يداوي الناس فمرت به امرأة أيوب فقالت يا شيخ إن لي مريضا أفتداويه قال نعم والله لا أريد شيئا إلا أن يقول إذا شفيته أنت شفيتني فذكرت ذلك لأيوب فقال هو إبليس قد خدعك ثم حلف إن شفاه الله أن يضربها مائة جلدة وقال وهب وغيره كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتجيئه بقوته فلما طال عليه البلاء وسئمها الناس ولم يستعملها أحد التمست يوما من الأيام ما تطعمه فما وجدت شيئا فحزت قرنا من رأسها فباعته برغيف فأتته به فقال لها أين قرنك فأخبرته فحينئذ قال (مسني الضر) وقال قوم إنما قال ذلك حين قصدت الدودة إلى قلبه ولسانه فخشي أن