تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 262
نمايش فراداده

يفتر عن الذكر والفكر وقال حبيب بن أبي ثابت لم يدع الله بالكشف عنه حتى ظهرت له ثلاثة أشياء أحدها قدم عليه صديقان حين بلغهما خبره فجاءا إليه ولم يبق له إلا عيناه فرأيا أمرا عظيما فقالا لو كان لك عند الله منزلة ما أصابك هذا والثاني أن امرأته طلبت طعاما فلم تجد ما تطعمه فباعت ذؤابتها وحملت إليه طعاما والثالث قول إبليس إني أداويه على أن يقول أنت شفيتني وقيل إن إبليس وسوس إليه أن امرأتك زنت فقطعت ذؤابتها فحينئذ عيل صبره فدعاه وحلف ليضربنها مائة جلدة وقيل معناه مسني الضر من شماتة الأعداء حتى روي أنه قيل له بعدما عوفي ما كان أشد عليك في بلائك قال شماتة الأعداء وقيل قال كذلك حين وقعت دودة من فخذه فردها إلى موضعها وقال كلي فقد جعلني الله طعامك فعضته عضة زاد ألمها على جميع ما قاساه من عض الديدان فإن قيل إن الله سماه صابرا وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله (إني مسني الضر) و (إني مسني الشيطان بنصب) قيل ليس هذا شكاية إنما هو دعاء بدليل قوله تعالى (فاستجبنا له) على أن الجزع إنما هو في الشكوى إلى الخلق فأما الشكوى إلى الله عز وجل فلا يكون جزعا ولا ترك صبرا كما قال يعقوب (إنما أشكون بثي وحزني إلى الله) قال سفيان بن عيينة وكذلك من أظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقضاء الله لا يكون ذلك جزعا كما روي أن جبريل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فقال كيف تجدك قال أجدني مغموما وأجدني مكروبا وقال لعائشة حين قالت وا رأساه قال بل أنا وا رأساه 84 قوله (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر) وذلك أنه قال له اركض برجلك فركض برجله فنبعت عين ماء بارد فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كل داء كان بظاهره ثم مشى أربعين خطوة فأمره أن يركض برجله الأرض مرة أخرى ففعل فنبعت عين ماء بارد فأمره فشرب منها فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما يكون من الرجال وأجملهم (وآتيناه أهله ومثلهم معهم) واختلفوا في ذلك فقال ابن مسعود وقتادة وابن عباس والحسن وأكثر المفسرين رد الله عز وجل إليه أهله وأولاده بأعيانهم أحياهم الله وأعطاهم مثلهم معهم وهو ظاهر القرآن قال الحسن آتاه الله المثل من نسل ماله الذي رد الله إليه وأهله يدل عليه ما روي عن الضحاك عن ابن عباس أن الله عز وجل رد إلى المرأة شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرا قال وهب كان له سبع بنات وثلاثة بنين وقال ابن يسار كان له سبع بنين وسبع بنات وروي عن أنس يرفعه أنه كان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله عز وجل سحابتين فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض وروي أن الله تعالى بعث إليه ملكا وقال له إن ربك يقرئك السلام بصبرك فأخرج على أندرك فخرج إليه فأرسل الله عليه جرادا من ذهب فطارت واحدة فاتبعها وردها إلى أندره فقال له الملك أما يكفيك في ما أندرك فقال