تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 264
نمايش فراداده

لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام فإنه قد شق علي النوم فلما كان تلك الساعة جاء فلم يأذن له الرجل فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت يدق الباب من داخل فاستيقظ فقال يا فلان ألم آمرك فقال أما من قبلي فلم تؤت فانظر من أين أتيت فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما هو أغلقه وإذا الرجل معه في البيت فقال أتنام والخصوم ببابك فعرفه فقال أعدو الله قال نعم أعييتني ففعلت ما ترى لأغضبك فعصمك الله مني فسمي ذا الكفل لأنه تكفل أمرا فوفى به وقيل إن إبليس جاءه وقال إن لي غريما يمطلني فأحب أن تقوم معي وتستوفي حقي منه فانطلق معه حتى إذا كان في السوق خلاه وذهب وروى أن اعتذر إليه وقال إن صاحبي هرب وقيل إن ذا الكفل رجل كفل أن يصلي كل ليلة مائة ركعة إلى أن يقبضه الله فوفى به واختلفوا في أنه كان نبيا فقال بعضهم كان نبيا وقيل هو إلياس وقيل زكريا وقال أبو موسى لم يكن نبيا ولكن كان عبدا صالحا 86 (وأدخلناهم في رحمتنا) يعني ما أنعم به عليهم في الدنيا من النبوة وصيرهم إليه في الجنة من الثواب (إنهم من الصالحين) 87 (وذا النون) أي اذكر صاحب الحوت وهو يونس بن متى (إذ ذهب مغاضبا) اختلفوا في معناه فقال الضحاك مغاضبا لقومه وهو رواية العوفي وغيره عن ابن عباس قال كان يونس وقومه يسكنون فلسطين فغزاهم ملك فسبى منهم تسعة أسباط ونصفا وبقي سبطان ونصف فأوحى الله إلى شعياء النبي أن سر إلى حزقيل الملك وقل له حتى يوجه نبيا قويا فإني ألقي معه في قلوب أولئك حتى يرسلوا معه بني إسرائيل فقال له الملك فمن ترى وكان في مملكته خمسة من الأنبياء فقال يونس إنه قوي أمين فدعا الملك بيونس فأمره أن يخرج فقال له يونس هل أمرك الله بإخراجي قال لا قال فهل سماني لك قال لا فهاهنا غيري أنبياء أقوياء فألحوا عليه فخرج من بينهم مغاضبا للنبي وللملك ولقومه فأتى بحر الروم فركبه وقال عروة بن الزبير وسعيد بن جبير وجماعة ذهب عن قومه مغاضبا لربه إذ كشف عن قومه العذاب بعدما أوعدهم وكره أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما أوعدهم واستحيا منهم ولم يعلم السبب الذي به العذابو كان غضبه أتفه من ظهور خلف وعده وأنه يسمى كذابا لا كراهية لحكم الله تعالى وفي بعض الأخبار أنه كان من عادة قومه أن يقتلوا من جربوا عليه الكذب فخشي أن يقتلوه لما لم يأتهم العذاب للميعاد فغضب والمغاضبة هاهنا من المفاعلة التي تكون من واحد كالمسافر والمعاقبة فمعنى قوله مغاضبا أي غضبان وقال الحسن إنما غضب ربه عز وجل من أجل أنه أمره بالمسير إلى قومه لينذرهم بأسه ويدعوهم إليه فسأل ربه أن ينظره ليتأهب للشخوص إليهم فقيل له إن الأمر أسرع من ذلك حتى سأل أن ينظر إلا أن يأخذ نعلا يلبسها فلم ينظر وكان في خلقه ضيق فذهب مغاضبا وعن ابن عباس قال أتى جبريل يونس فقال انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم فقال التمس دابة قال الأمر أعجل من ذلك فغضب فانطلق إلى السفينة وقال وهب بن منبه إن يونس بن متى كان عبدا صالحا وكان في خلقه ضيق فلما حمل عليه أثقال النبوة تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل الثقيل فقذفها بين يديه وخرج هاربا منها فلذلك أخرجه الله من أولي العزم من الرسل وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (فاصبر كما