الذين أظلموا) أشركوا (ربنا أخرنا) أمهلنا (إلى أجل قريب) هذا سؤالهم الرد إلى الدنيا أي ارجعنا إليهم (نجب دعوتك ونتبع الرسل) فيجابون (أو لم تكونوا أقسمتم من قبل) حلفتم في دار الدنيا (ما لكم من زوال) عنها أي لا تبعثون وهو قوله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) 45 (وسكنتم) في الدنيا (في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) بالكفر والعصيان يعني قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم (وتبين لكم كيف فعلنا بهم) أي عرفتم عقوبتنا إياهم (وضربنا لكم الأمثال) أي بينا مثلكم كمثلهم 46 (وقد مكروا وعند الله مكرهم) أي جزاء مكرهم (وإن كان مكرهم) قرأ علي وابن مسعود (وإن كان مكرهم) بالدال وقرأ العامة بالنون (لتزول منه الجبال) قرأ العامة لتزول بكسر اللام الأولى ونصب الثانية معناه وما كان مكرهم لتزول قال الحسن إن كان مكرهم لأضعف من أن تزول منه الجبال وقيل معناه إن مكرهم لا يزيل أمر محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو ثابت كثبوت الجبال وقرأ ابن جريج والكسائي (لتزول) بفتح اللام الأولى ورفع الثانية معناه إن مكرهم وإن عظم حتى بلغ محلا يزيل الجبال لم يقدروا على إزالة أمر محمد وقال قتادة معناه وإن كان مكرهم شركهم لتزول منه الجبال وهو قوله تعالى (وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا) ويحكى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في معنى الآية أنها نزلت في نمرود الجبار الذي حاج إبراهيم في ربه وذلك أنه قال إن كان ما يقول إبراهيم حقا فلا انتهى حتى أصعد السماء فأعلم ما فيها فعمد إلى أربعة أفرخ من النسور فرباها حتى شبت واتخذتا بيوتا وجعل له بابا من أعلى وبابا من أسفل وقعد من أسفل وقعد نمرود مع الرجل في التابوت ونصب خشبات في أطراف التابوت وجعل على رؤوسها اللحم وربط التابوت بأرجل النسور وخلاها فطرن وصعدن طمعا في اللحم حتى مضى يوم وأبعدن في الهواء فقال نمرود لصاحبه افتح الباب الأعلى وانظر إلى السماء هل قربنا منها ففتح الباب ونظر فقال إن السماء كهيئتها ثم قال افتح الباب الأسفل وانظر إلى الأرض كيف تراها ففعل فقال أرى مثل اللجة والجبال مثل الدخان فطارت النسور يوما اخر وارتفعت حتى حالت الريح بينها وبين الطيران فقال لصاحبه افتح البابين ففتح