والغلمان بأن أمرهم أن يغسلوا وجوههم وأيديهم فجعلت الجارية تأخذ الماء من الآنية بإحدى يديها ثم تجعله على اليد الأخرى ثم تضرب به الوجه والغلام كما يأخذه من الآنية يضرب به وجهه وكانت الجارية تصب الماء على بطن ساعدها والغلام على ظهر الساعد وكانت الجارية تصب الماء صبا وكان الغلام يحدر الماء على يديه حدرا فميز بينهم بذلك ثم رد سليمان الهدية 36 كما قال الله تعالى (فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال) قرأ حمزة ويعقوب (أتمدوني) بنون واحدة مشددة وإثبات الياء وقرأ الآخرون بنونين خفيفين ويثبت الياء أهل الحجاز والبصرة والآخرون يحذفونها (فما آتاني الله) أعطاني الله من النبوة والدين والحكمة والملك (خير) أفضل (مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون) لأنكم أهل مفاخرة في الدنيا ومكاثرة بها تفرحون بإهداء بعضكم إلى بعض فأما أنا فلا أفرح بها وليست الدنيا من حاجتي لأن الله تعالى قد مكنني فيها وأعطاني منها ما لم يعط أحدا ومع ذلك أكرمني بالدين والنبوة ثم قال للمنذر بن عمرو وأمير الوفد 37 (ارجع إليهم) بالهدية (فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم) لا طاقة لهم (بها ولنخرجنهم منها) أي من أرضهم وبلادهم وهي سبأ (أذلة وهم صاغرون) ذليلون إن لم يأتوني مسلمين قال وهب وغيره من أهل الكتب فلما رجعت رسل بلقيس إليها من عند سليمان قالت قد عرفت والله ما هذا بملك وما لنا به طاقة فبعثت إلى سليمان إني قادمة عليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك وما تدعو إليه من دينك ثم أمرت بعرشها فجعل في آخر سبعة أبيات بعضها في بعض في آخر قصر من سبعة قصور لها ثم أغلقت دونه الأبواب ووكلت به حراسا يحفظونه ثم قالت لمن خلفت على سلطانها احتفظ بما قبلك وسرير ملكي لا يخلص إليه أحد ولا يقربه حتى آتيك ثم أمرت مناديا ينادي في أهل مملكتهم يؤذنهم بالرحيل وشخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن تحت يدي كل قيل ألوف كثيرة قال ابن عباس وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه فخرج يوما فجلس على سرير ملكه وهجا قريبا منه فقال ما هذا قالوا بلقيس وقد نزلت منا بهذا المكان وكان على مسيرة فرسخ من سليمان قال ابن عباس وكان بين الكوفة والحيرة مسيرة قدر فرسخ فأقبل سليمان حينئذ على جنوده 38 (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين) أي مؤمنين وقال ابن عباس طائعين واختلفوا في السبب الذي لأجله أمر سليمان بإحضار عرشها فقال أكثرهم لأن سليمان علم أنها إن أسلمت يحرم عليه مالها فأراد يأخذ سريرها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها وقيل ليريها قدرة الله وعظم سلطانه في معجزة يأتي بها في عرشها وقال قتادة لأنه أعجبته صفته لما وصفه الهدهد فأحب أن يراه قال ابن زيد أراد أن يأمر بتنكره وتغييره ليختبر بذلك عقلها 39 (قال عفريت من الجن) وهو المارد القوي قال وهب اسمه كوذى وقيل ذكوان قال ابن عباس العفريت الداهية وقال الضحاك هو الخبيث وقال الربيع الغليظ قال الفراء القوي