تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 497
نمايش فراداده

المسافة من الأرض إلى السماء إلى سدرة المنهى التي هي مقام جبريل يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا هذا كله معنى قول مجاهد والضحاك وقوله غليه أي إلى الله وقيل على هذا التأويل إلى مكان الملك الذي أمره عز وجل أن يعرج إليه وقال بعضهم ألف سنة وخمسون ألف سنة كلها في القيامة يكون على بعضهم أطول وعلى بعضهم أقصر معناه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يعرج أي يرجع الأمر والتدبير غليه بعد فناء الدنيا وانقطاع أمر الأمراء وحكم الحكام في ويم كان مقداره خمسين ألف سنة وهو يوم القيامة وأما قوله خمسين ألف سنة فإنه أراد على الكافر يجعل الله ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا وقال إبراهيم التميمي لا يكون على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر ويجوز أن يكون هذا إخبار عن شدته وهوله ومشقته وقال ابن أبي مليكة دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان على ابن عباس وسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن قوله خمسين ألف سنة فقال له ابن عباس أيام سماها الله لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب اله مالا أعلم 6 (ذلك عالم الغيب والشهادة) معنى ذلك الذي صنع ما ذكره من خلق السماوات والأرض عالم ما غاب عن عيان الخلق وما حضر (العزيز الرحيم) 7 (الذي أحس كل شيء خلقه) قرأ نافع وأهل الكوفة (خلقه) بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها يا أحسن خلق كل شيء قال ابن عباس أتقنه واحكمه قال قتادة حسنا وقال مقاتل عليم كيف يخلق كل شيء من قولك فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه وقيل خلق كل حيوان على صورته لم يخلق البعض على صورة البعض فك حيوان كامل في خلقه حسن وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه (وبدأ خلق الإنسان من طين) يعني آدم 8 (ثم جعل نسله) يعني ذريته (من سلالة) نطفة سميت سلالة لأنها تسل من الإنسان (من ماء مهين) أي ضعف وهو نطفة الرجل 9 (ثم سواه) ثم سوى خلقه (ونفخ فيه من روحه) ثم عاد إلى ذريته فقال (وجعل لكم) بعد أن كنتم نظفا (السمع والإبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) يعني لا تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه