تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 546
نمايش فراداده

عليه حجابه واجعل للسانك لحيين وغلافا فإذا غشيت فأغلق واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك قال مجاهد فما كان بين أن تحملها وبين أن خرج من الجنة إلا مقدارا ما بين الظهر والعصر وحكى النقاش بإسناده عن ابن مسعود أنه قال مثلت الأمانة كصخرة ملقاة ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربوا منها وقالوا لا نطيق حملها وجاء آدم من غير أن يدعى وحرك الصخرة وقال لو أمرت بحملها لحملتها فقيل له احملها فحملها إلى ركبتيه ثم وضعها وقال والله لو أردت أن أزداد لزدت فقيل له احملها فحملها إلى حقوه ثم وضعها وقال والله لو أردت أن أزداد لزدت قيل له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه فأراد أن يضعها فقال الله مكانك فإنها في عنقك وعنق ذريتك إلى يوم القيامة (إنه كان ظلوما جهولا) قال ابن عباس ظلوما لنفسه جهولا لأمر الله وما احتمل من الأمانة وقال الكلبي ظلوما حين عصى ربه جهولا لا يدري ما العقاب في ترك الأمانة وقال مقاتل ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تحمل وذكر الزجاج وغيره من أهل المعاني في قوله وحملها الإنسان قولان فقالوا إن الله ائتمن آدم وأولاده على شيء وائتمن السماوات والأرض والجبال على شيء فالأمانة في حق بني آدم ما ذكرنا في الطاعة والقيام بالفرائض والأمانة في حق السماوات والأرض والجبال هي الخضوع والطاعة لما خلقن له وقيل قوله (فأبين أن يحملنها) أي أبين الأمانة يقال فلان لم يحتمل الأمانة أي لم يخن فيها وحملها الإنسان أي خان فيها يقال فلان حمل الأمانة أي أثم فيما بالخيانة قال الله تعالى (وليحملن أثقالهم) إنه كان ظلوما جهولا حكى عن الحسن على هذا التأويل إنه قال وحملها الإنسان يعني الكافر والمنافق حملا الأمانة أي خانا وقول السلف ما ذكرنا

سورة الأحزاب 73

73 قوله عز وجل (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) قال مقاتل ليعذبهم بما خانوا الأمانة ونقضوا الميثاق (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما) يهديهم ويرحمهم بما أدوا من الأمانة وقال ابن قتيبة أي عرضنا الأمانة ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب عليه أي يعود عليه بالرحمة والمغفرة إن حصل منه تقصير في بعض الطاعات