قوله تعالى (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) الآيتان 18 - 19
فيه ثلاثة أقوال:
الأول أنه القرآن
الثاني أنه ما قصه الله سبحانه في هذه السورة
الثالث أن هذا يعني أحكام القرآن
يعني القرآن مطلقا قول ضعيف لأنه باطل قطعا وأما القول بأنه فيه أحكامه فإن أراد معظم الأحكام فقد بينا تحقيق ذلك في قوله (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك) الشورى 13 وأما إن أراد به ما في هذه السورة فهو الأولى من الأقوال وهو الصحيح منها والله أعلم
تعلق أبو حنيفة وأصحابه في جواز القراءة في الصلاة بالعجمية بقوله تعالى (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) قالوا فقد أخبر الله أن كتابه وقرآنه في صحف إبراهيم وموسى بالعبرانية فدل على جواز الإخبار بها عنه وبأمثالها من سائر الألسن التي تخالفه والجواب عنه من وجهين:
الأول أنا نقول إن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل عليهم الكتب وما بعث الله من رسول إلا بلسان قومه كما أخبر وما أنزل من كتاب إلا بلغتهم فقال سبحانه وتعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) إبراهيم 4 كل ذلك تيسير منه عليهم وتقريب للتفهيم إليهم وكل مفهم بلغته متعبد بشريعته ولكل كتاب بلغتهم اسم فاسمه بلغة موسى التوراة واسمه بلغة عيسى الإنجيل واسمه بلغة محمد القرآن فقيل لنا اقرؤوا القرآن فيلزمنا أن نعبد الله بما يسمى قرآنا
الثاني هبكم سلمنا لكم أن يكون في صحف موسى بالعبرانية فما الذي يقتضي أنه تجوز قراءته بالفارسية فإن قيل بالقياس قلت ليس هذا موضعه لا سيما عندكم وقد بيناه في أصول الفقه ومسائل الخلاف على التمام فلينظر هنالك إن شاء الله تعالى